107

Qawaid Nuraniyya

القواعد النورانية الفقهية

Editor

د أحمد بن محمد الخليل

Penerbit

دار ابن الجوزي

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1422 AH

Genre-genre

Kaedah Fiqh
وَتَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ - أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: ٢٠ - ٢١] ثُمَّ تَرْكُ الْقُنُوتِ جَاءَ مُفَسَّرًا أَنَّهُ ﷺ تَرَكَهُ لِزَوَالِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَكَذَلِكَ كَانَ عمر ﵁ إِذَا أَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرُ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ قَنَتَ، وَكَذَلِكَ علي ﵁ قَنَتَ لَمَّا حَارَبَ مَنْ حَارَبَ مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ.
قَالُوا: وَلَيْسَ التَّرْكُ نَسْخًا؛ فَإِنَّ النَّاسِخَ لَا بُدَّ أَنْ يُنَافِيَ الْمَنْسُوخَ، وَإِذَا فَعَلَ الرَّسُولُ ﷺ أَمْرًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ تَرَكَهُ لِزَوَالِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَسْخًا، بَلْ لَوْ تَرَكَهُ تَرْكًا مُطْلَقًا لَكَانَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لَا عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْفِعْلِ.
قَالُوا: وَنَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْنُتُ قُنُوتًا رَاتِبًا، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقِلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَطُّ أَنَّهُ دَعَا فِي قُنُوتِهِ فِي الْفَجْرِ وَنَحْوِهَا إِلَّا لِقَوْمٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ، وَلَا نَقَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ أَنَّهُ قَنَتَ دَائِمًا بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَلَا أَنَّهُ قَنَتَ دَائِمًا يَدْعُو قَبْلَهُ، وَأَنْكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْقُنُوتَ الرَّاتِبَ، فَإِذَا عُلِمَ هَذَا عُلِمَ قَطْعًا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، كَمَا يُعْلَمُ أَنَّ " حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ " لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَذَانِ الرَّاتِبِ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِعَارِضٍ تَحْضِيضًا لِلنَّاسِ عَلَى الصَّلَاةِ.
فَهَذَا الْقَوْلُ أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ مَشْرُوعٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ لَكِنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلْحَاجَةِ النَّازِلَةِ لَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ.
وَهَذَا أَصْلٌ آخَرُ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ كَالْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيمَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ الرَّاتِبَةِ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ الْعَارِضِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَا وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا، كَمَا سَقَطَ

1 / 127