Al-qawāʿid al-fiqhiyya ʿinda al-Imām Ibn Ḥazm min khilāl kitābih al-Muḥallā
القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه المحلى
Publisher
المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة أم القرى كلية الشريعة والدراسة الإسلامية الدراسات العليا الشرعية شعبة الفقه
Publication Year
1427 AH
Publisher Location
مكة المكرمة
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة أم القرى
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
الدراسات العليا الشرعية
القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم
من خلال كتابه المحلى
من (كتاب الطهارة) إلى نهاية (كتاب الجهاد)
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في الفقه
إعداد الطالب:
إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور:
1
بسم الله الرحمن الرحيم
2
ملخص الرسالة
عنوان الرسالة: القواعد الفقهية عند الإمام علي بن أحمد بن سعيد بن حزم (ت 456 هـ) من خلال كتابه المحلَّ من كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الجهاد.
هدف الرسالة وموضوعها: تهدف هذه الرسالة إلى إبراز فكر الإمام ابن حزم وجهوده في علم القواعد الفقهية؛ وذلك عن طريق استخراج القواعد الفقهية التي أوردها الإمام في الكتب والأبواب محل البحث، مع شرحها، وبيان معناها، وأدلتها، وما يلحق بها من مسائل وتنبيهات، وذكر جملة من فروعها ومستثنياتها إن وجدت.
وقد تكوَّنت الرسالة من مقدّمة، وفصلين، وخاتمة.
أما المقدمة: فقد اشتملت على التعريف بالبحث، وذلك بذكر أهميته، وأسباب اختياره، ورسم خطته، ومنهج الباحث فيه، وبعض الصعوبات التي واجهته.
وأما الفصل الأول: فقد احتوى على أربعة مباحث: الأول: ترجمة موجزة للإمام ابن حزم الظاهري، والثاني: تعريف بكتابه (المحلّ شرح المجلَّى)، والثالث: دراسة موجزة للقواعد الفقهية بصفة عامَّة، والرابع: تحدَّثت فيه عن منهج ابن حزم في القواعد الفقهية بصفة خاصة.
وأما الفصل الثاني: فاشتمل على القواعد الفقهية المستخرجة من (المحلَّ) من كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الجهاد، وضمَّ ستاً وأربعين قاعدة فقهية، قسمتها بحسب موضوعاتها إلى سبعة مباحث وهي: ست قواعد في القصد والنية، وثلاث عشرة قاعدة في سهولة الشريعة ويسرها، وسبع قواعد في الاستصحاب، وخمس متعلِّقة بالترجيح، وثلاث متعلِّقة بإقامة العدل، وأربع في الأموال، وثمان ذات موضوعات مختلفة.
والخاتمة:
اشتملت على أهم نتائج البحث، وبعض التوصيات والمقترحات.
الباحث
المشرف
عميد الكلية
3
Summary of the work
The title ..
The subject of it and the purpose :
The work includes a preface , two chapters and conclusion .
The preface presents an idea about the search , its importance , the reason for choosing it , its outline and the scholar's strategy and some of the difficulties he faced .
The first chapter consists of four main parts .
The second chapter it shows the outcome fiqqah rules of " Al Mohalla " from the book of purity to the book of fighting . It consists of thirty six rules . the scholar groups . these are six about attention . thirteen about the suppleness of Islamic rules . Seven about the steadiness ( not changeable ) .
The conclusion :
The scholar
The supervisor : Dr. Naser Abdullah Al-Mayman
4
المقدمة
إِنَّ الحمدَ لله، نحمده، ونستعينُهُ، ونستغفره، ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنَّ لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، القائل: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾(١)، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، أفضل النبيين، وأشرف المرسلين، القائل: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"(٢)، صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أمَّا بعد :
فإنَّ لعلوم الشريعة منزلةً عظمى، ومكانةً كبرى في هذا الدِّين، وإنَّ مِنْ أجلِّها منزلة وقدراً، وأكبرها مكانة ونفعاً: علمَ الفقهِ الإسلامي؛ لاحتياج النَّاس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع أعمالهم، فكان الاشتغال به من أفضل القربات وأجلُّ الطاعات، بل إِنَّ طلبه من أهم المهمَّات وأوجب الواجبات.
ولقد تنوَّع الفقه فنوناً وأنواعاً، وكان من أعظمها شأناً، وأعمها نفعاً وفائدةً علمُ القواعد الفقهية ؛ إذ إن معرفة القواعد الفقهية والإلمام بها يفتح المجال أمام الفقهاء لمعرفة حكم الله رَك فيما يجدّ ويحدث من قضايا العصر ونوازله، وبخاصّة مع ما يواجهه فقهنا المعاصر من تطوّر العلوم، وكثرة الاكتشافات الحديثة التي تزخر بها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
الأمر الذي جعلنا الآن أحوج من ذي قبل إلى هذا العلم، وجعل الإحاطة بالقواعد
(١) سورة التوبة من الآية (١٢٢).
(٢) أخرجه البخاري من حديث معاوية بن أبي سفيان ، في: ٣- كتاب العلم، ١٣ - باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدِّين ، برقم (٧١). ومسلم، في: ١٢ - كتاب الزكاة ، ٣٣ - باب النهي عن المسألة، برقم (١٠٣٧).
5
الفقهية من ضروريات المتبحر في الفقه الإسلامي الذي يروم البلوغ إلى رتبة الاجتهاد الشرعي، ليستطيعَ بها أن يستوعبَ كلّ هذه التطورات الحياتية، والمستجدات العصرية التي جلّ عنها الوصف والحصر.
هذا، وإنَّه ومع تعدد مذاهب الفقهاء وتنوّعها، وكثرة المسائل الفقهية وتشعبها، اشتدت الحاجة إلى وضع قواعد كلية تجمع تلك الفروع الكثيرة المتفرقة والمتشعبة في المذهب الفقهي الواحد، لتُعطي تصوّراً كاملاً للمذهب الذي كتبت فيه، يستطيع به الفقيه أن يدوّن مسائله ويدرك مراميه، فيسهل عليه بعد ذلك المقارنة بين المذاهب الفقهية.
وانطلاقاً من أهمية هذا العلم، وعظيم نفعه، وبالغ أثره في الفقه الإسلامي، من حيث إنَّه وسيلة لتحقيق علوم الشريعة، وشموله للأحكام والفروع العملية.
ولأنّه لما كان البحث حول موضوع وإعداد رسالة في جانب معيّن من جوانب الفقه مُقرَّراً عليَّ باعتبار كوني طالباً في الدراسات العليا الشرعية لنيل درجة الماجستير، وكنتُ أتوخَّى أن أنتقي موضوعاً جديراً بالبحث وحرياً بالدراسة، كان اختياري لموضوع الرسالة منصباً على هذا المجال من غير تردد منِّي ولا تراجع؛ لأجل الإلمام به والاطلاع على حقائقه وأسراره.
وحيث إنَّ البحث في القواعد الفقهية تزداد أهميته بحسب قيمة المصنَّف الفقهي الذي تدرس من خلاله؛ فإنّه وبعد نظر طويل، وبحث متأن، واستخارة لله تعالى، ثمَّ استشارة لأهل العلم والفضل، فقد وقع اختياري على أحد أمهات الخلاف الفقهي؛ وهو كتاب: (المحلَّى شرح المجلَّى) لأبي محمد ابن حزم الظاهري (ت ٤٥٦ هـ) أحد الأئمة الأعلام الذين يفخر بهم الفقه الإسلامي.
لذا قمتُ بجمع ودراسة القواعد الفقهية عند هذا الإمام الجليل من خلال ذلك الكتاب العظيم، من بداية كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الجهاد.
(١) سيأتي الحديث عن أهمية علم القواعد الفقهية في ص (١٣٢) من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
6
وقد جعلته بعنوان :
القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه المحلى
من كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الجهاد
أسباب اختيار الموضوع :
إضافة إلى أهمية القواعد الفقهية، وعظيم فائدتها، وحاجة الفقيه إليها، ولما لها من أثر ملحوظ في تيسير الفقه الإسلامي ولمّ شعثه، كانت هناك دوافع أُخرى حفّزتني على اختيار هذا الموضوع، ومن أهمها ما يلي :
أولاً : كون علم القواعد الفقهية إلى جانب ما بُذل فيه من جهود قيّمة، لا يزال بحاجة إلى خدمته والعناية به؛ حيث إنَّ كتب الفقه قد حوت الكثير من القواعد الفقهية المنثورة المهمَّة التي قد يغفل عنها كثير من الباحثين فكانت الحاجة ملحة لإظهارها وإبرازها، وجمعها في مؤلف واحد.
ثانياً : إنَّ كتاب ( المحلَّى شرح المجلَّى ) أحد الكتب العظام في الفقه المقارن، ومؤلفه من أعلام الفقه الإسلامي الذين اشتهروا بالتقعيد والتأصيل والتجديد، فكان البحث فيه واستخراج القواعد منه من أنفع الأمور لطالب العلم.
ثالثاً : إنَّ هذا البحث يساهم في خدمة جانب من الجوانب الفكرية لهذا العالم الجليل؛ وذلك لأنَّ كثيراً من الباحثين تناولوا بالدراسة شخصيته من زوايا مختلفة، فكان إبراز هذا الفن في شخصية هذا العالمٍ، عملاً جديراً بالاهتمام.
رابعاً : إنَّ لهذا العالمِ القدير شخصية فقهية مستقلّة، مُتحررة من قيود المذهبية، لما يتمتع به من جودة الفكر، ودقّة النظر، وصفاء القريحة، فأردتُ إبراز جهوده في هذا الفن، خصوصاً وأنَّ له اليد الطولى، والقدم الراسخة في علم القواعد الفقهية، فقد صنّف فيه كتابين قد فُقِدا، هما:
7
- الإملاء في قواعد الفقه.
خامساً: وإنَّ مما دفعني إلى اختيار هذا الموضوع، هو أنّه ومع أهمية علم القواعد الفقهية، واهتمام هذا الإمام الجليل به، وعلو شأنه فيه، بدليل ما أفرده من مصنفات في تأسيسه، وبناء صرحه، فإنَّني لم أرَ باحثاً من قبل - فيما علمتُ - تناول بالدراسة هذا الجانب الفكري في شخصية هذا الإمام الجهبذ.
خطة البحث:
اشتمل هذا البحث على مقدِّمة، وفصلين، وخاتمة، وذلك على النحو التالي:
المقدّمة: وتحدَّثتُ فيها عن أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطَّة البحث، والمنهج المتبع فيه، وبعض الصعوبات التي اعترضتني أثناء البحث.
الفصل الأول: وفيه دراسة موجزة للإمام ابن حزم، ولكتابه (المحلّى)، وللقواعد الفقهية بصفة عامة، ثمَّ لمنهج ابن حزم فيها بصفة خاصة.
واشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: ترجمة موجزة للإمام ابن حزم. وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: نسب ابن حزم، ومولده، ونشأته.
8
المطلب الخامس : المحن والابتلاءات التي تعرض لها الإمام.
المطلب السادس : صفاته، وثناء العلماء عليه.
المطلب السابع : وفاته رحمه الله تعالى.
المبحث الثاني: دراسة موجزة عن كتاب .وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : أصل الكتاب، ومصادره.
المطلب الثاني : منهج ابن حزم في الكتاب.
المطلب الثالث : قيمته العلمية، وثناء العلماء عليه.
المطلب الرابع : الدراسات التي خدمته.
المبحث الثالث: دراسة موجزة للقواعد الفقهية .وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول : تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحاً.
المطلب الثاني : الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي.
المطلب الثالث : الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية.
المطلب الرابع : الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية.
المطلب الخامس : استمداد القاعدة الفقهية.
المطلب السادس : أهمية القاعدة الفقهية.
المطلب السابع : حجيّة القاعدة الفقهية.
المبحث الرابع: منهج ابن حزم في القواعد الفقهية .وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : الاستمداد.
المطلب الثاني : الصياغة.
المطلب الثالث : النقد لبعض القواعد الفقهية.
9
الفصل الثاني : وفيه القواعد الفقهية من بداية كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الجهاد. ويتضمَّن هذا الفصل ستاً وأربعين قاعدة فقهية، قسَّمتها إلى سبعة مباحث، على النحو التالي :
المبحث الأول: قواعد في القصد والنية. واشتمل على ست قواعد فقهية.
المبحث الثاني: قواعد في سهولة الشريعة ويُسرها. ويحتوي على ثلاث عشرة قاعدة.
المبحث الثالث: قواعد في بقاء ما كان على ما كان. وفيه سبع قواعد.
المبحث الرابع: القواعد المتعلّقة بالترجيح. وفيه خمس قواعد.
المبحث الخامس: القواعد المتعلّقة بإقامة العدل. وفيه ثلاث قواعد.
المبحث السادس: القواعد المتعلّقة بالأموال. وفيه أربع قواعد.
المبحث السابع: القواعد ذات الموضوعات المختلفة. وفيه ثمان قواعد.
الخاتمة :
وذكرتُ فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث، وبعض التوصيات والمقترحات.
10
* المنهج المتبع في البحث:
يتمثَّل المنهج الذي سرت عليه في هذا البحث في النقاط التالية:
١ - قرأتُ كتاب (المحلَّى شرح المجلَّى) قراءة متأنية، وجمعت كلّ ما غلب على ظنِّي أَنَّه قاعدة فقهية، وذلك عن طريق حصر صيغ القاعدة وألفاظها التي وردت على لسان الإمام ابن حزم، ثمَّ اختيار أحدها مما أراه مناسباً، إمَّا لدقة اللفظ، وعمومه، أو لجودة الأسلوب ووضوحه، أو لغير ذلك مما تتطلَّبه صياغة القاعدة الفقهية.
٢- قمتُ بتمحيص ما تحصَّل لديَّ من القواعد وبخاصَّة ما أشكل عليَّ أمره واشتبه، مع فضيلة المشرف على الرسالة - جزاه الله خيراً - فاستبعدت ما كان ضعيف الصلة بموضوع البحث، من ضوابط فقهية أو قواعد أصولية أو غير ذلك، ثمَّ دمجت القواعد المتشابهة ذات المعنى الواحد، واستغنيت عن بعض القواعد مما رأيت أن غيره يقوم مقامه، مع الإشارة إلى ذلك غالباً في ثنايا الحديث عن تلك القواعد. كما أنني قد أضفت ما استجدَّ لي من قواعد فقهية مما ظهر لي بعد ذلك في أثناء البحث والكتابة.
٣- وحيث إنني لم أقم بترتيب القواعد الفقهية عند إعداد الخطة الاعداد المبدئي، فقد ارتأيت بعد أن انتهيت من دراستها، واتضحت لي معالمها وحقائقها، أن أرتبها على نسق معيَّن. وبعد النظر في مناهج المؤلفين في علم القواعد الفقهية من ناحية ترتيبهم لها، وإمعان النظر فيما تحصَّل لدي من قواعد فقهية وما يُناسبه من تقسيم، فقد رتبتها بحسب موضوعاتها، واتْبعتُ كل قاعدة ما يتعلَّق بها من قواعد؛ لكون هذا المنهج من أفضل الطرق وأنسبها لترتيب القواعد.
٤- حرصتُ على إيراد القاعدة الفقهية من نصّ الإمام وبلفظه ما أمكن، إلاّ إذا رأيت الحاجة تقتضي تهذيب القاعدة بإضافة بعض الألفاظ، أو حذف بعضها، أو تقديم أو تأخير فيها فإنني أقوم به بُغية الوصول إلى صياغة مُحكمة للقاعدة الفقهية، وقد أُعبر عن القاعدة عند ابن حزم بما هو مُشتهَر عند الفقهاء دون عبارته في (المحلَّى).
11
٥- قمتُ بتوثيق القاعدة أولاً من كتب الإمام ابن حزم، ثمَّ اتبعتُ ذلك بعزو القاعدة إلى كتب القواعد الفقهية المعتمدة على اختلاف مذاهب مؤلفيها مما توصلت إلى معرفته وذلك في الحاشية، مُرتباً إياها على سنة وفاة مؤلفيها، وهدفي من ذلك الإشارة إلى من وافق الإمام في القول بالقاعدة لفظاً أو معنى.
٦ - شرحتُ معنى القاعدة الفقهية شرحاً موجزاً يكفي في إيضاح المراد منها، مُتبعاً المراحل التالية:
أ) توضيح الألفاظ الغامضة الواردة في نصِّ القاعدة، ثمَّ أَتْبع ذلك بشرح القاعدة وبيان معناها مُعتمداً على أقوال الإمام ابن حزم أولاً، ثمَّ على أقوال غيره من الفقهاء.
ب) الاكتفاء في القواعد الخلافية بالإشارة إلى مذاهب الفقهاء، دون التفصيل فيها أو الترجيح؛ لأنَّ ذلك من شأن علم الفقه وليس من شأن علم القواعد الفقهية، مع الحرص على الرجوع إلى المصادر الأصيلة والمعتمدة في كلّ مذهب يُذكر، وتدوينها في الحاشية مرتبة حسب أقدمية المذاهب.
ج) الاستدلال للقاعدة بالأدلة التي ذكرها ابن حزم، فإن اقتضى المقام ذكر أدلة أُخرى لم يذكرها فإنني أذكرها، مع الحرص على بيان وجه الدلالة لكلّ دليل من القرآن الكريم، أو السُّنّة النبوية، أو الأثر، مُبتدأ بتوجيه ابن حزم له، فإن لم أجد فإنني استعين بآراء غيره من العلماء في ذلك.
د) إلحاق ما رأيت المقام يقتضي إلحاقه أو التنبيه عليه، من الأحكام والتنبيهات، في بعض القواعد الفقهية.
و) ذكر فروع فقهية للقاعدة تمثيلاً لا حصراً، مع الحرص على أن تكون من كلام الإمام ابن حزم؛ لإثبات إعماله لها، مُرتباً لها على حسب ترتيب الأبواب الفقهية عنده، وقد أُورد بعض الفروع من عند غيره زيادة في التوثيق.
و) إيراد مستثنيات القاعدة أو بعضها إن وجدت.
ي) التركيز على موضوع البحث، وتجنب الاستطراد ما أمكن.
12
٧- عزوتُ الآيات القرآنية إلى مواضعها بذكر اسم السورة ورقم الآية، وإن تكررت في مواضع متقاربة.
٨- خرَّجتُ الأحاديث النبوية، والآثار السلفية، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بذلك، وإلاّ خرَّجته من الكتب المعتمدة.
وقد انتهجتُ في التخريج منهج الأستاذ: محمد فؤاد عبدالباقي، وذلك بذكر رقم الكتاب واسمه، ثمَّ رقم الباب وعنوانه، ثمَّ رقم الحديث.
كما حرصتُ في هذا الأمر - أيضاً - على بيان درجة الأحاديث أو الآثار التي ليست في الصحيحين أو أحدهما من حيث الصحة أو الضعف، معتمداً على أقوال أصحاب الشأن في ذلك.
٩- حرصتُ كلّ الحرص على توثيق النقول الواردة في البحث من مصادرها الأصيلة ما أمكن، كما قمتُ - أيضاً - بتوثيق كلّ معلومة اقتبستها من مصادرها، مع الإرشاد غالباً في الأمرين إلى مراجع أُخرى لمن أراد التوسّع والاستزادة، مرتباً تلك المراجع على حسب وفاة مؤلفيها.
١٠- قمتُ بتعريف المصطلحات العلمية، والألفاظ الغريبة، من الكتب المعتمدة، وذلك بتعريف كلّ لفظ من كتب العِلم والمعاجم الخاصَّة به، مع الإشارة إلى مراجع أُخرى زيادة للتثبث، مُرتباً إياها على حسب وفاة مؤلفيها.
١١- ذكرتُ تعريفاً موجزاً للأماكن والبلدان غير المشهورة، وكذلك القبائل الواردة في البحث، عن طريق الرجوع إلى المصادر الأصيلة، والمعاجم المتخصصة في هذا الأمر.
١٢- ترجمتُ لكل الأعلام الوارد ذكرهم في البحث عدا الأنبياء عليهم السلام والمعاصرين الأحياء، ترجمة مختصرة عند أول موضع يَرِد فيه العَلَم، رأياً منّي أَنَّ الترجمة - حتى للمشهورين - فيها تذكير باسم العَلم، وسنة وفاته، وبعض مؤلفاته إن كان له مؤلفات. مع الحرص على الرجوع إلى المصادر الأصلية في ترجمة العَلَم.
13
١٣ - أمَّا ما يختص بتدوين المراجع في الحاشية، فإنني أذكر اسم الكتاب واسم مؤلِّفه في الحاشية عند ذكره للمناسبة الأولى، وبعد ذلك أكتفي بالإحالة إلى المرجع بذكر اسم الكتاب فقط، وأحياناً بذكر اسم الكتاب واسم المؤلِّف معاً، إذا كان الكتاب يشتبه على القارئ إذا ذكر وحده؛ ككتاب: الإحكام في أصول الأحكام، والأشباه والنظائر، والقواعد.
وأما بقية معلومات المراجع فلم أثبتها في الحواشي، واكتفيت بإثباتها في قائمة المراجع؛ تجنباً لإثقال الهوامش بالمعلومات.
١٤ - وضعتُ فهارسَ للبحث، تخدمه، وتُيسر على القارئ الوصول إلى محتوياته.
وتشمل الفهارس الفنية المتعارف عليها، وهي:
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية.
فهرس الآثار.
فهرس الأعلام المترجم لهم.
فهرس المصطلحات والغريب.
فهرس القبائل والبلدان والدول.
فهرس الأشعار.
فهرس القواعد الفقهية المدروسة.
فهرس الكليات الفقهية المدروسة.
فهرس القواعد الفقهية التي يُظن انفراد الإمام بها.
فهرس الضوابط الفقهية الواردة في ثنايا البحث.
فهرس القواعد الأصولية الواردة في البحث.
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الموضوعات.
علي فتاني
14
*أهم الصعوبات التي واجهتني :
١ - إنَّ طبيعة الموضوع اقتضت منّي الوقوف على المصادر الأُخرى للإمام ابن حزم، وقراءتها، رغبة في أن أجد فيها من الاستدلال والبيان ما لم أجده في كتاب (المحلَّى).
ولا يخفى، أنَّ كتب ومؤلفات هذا الإمام لم تحظ بما حظي به غيرها من الخدمة تحقيقاً أو فهرسة، مما يتطلَّب منّي استعراض الكتاب كاملاً وجرد العديد من الصفحات، الأمر الذي تطلّب مني الكثير من الوقت، وبذل الجهد.
٢ - قلَّة محتوى الموضوع ومادَّته في كتب الإمام ابن حزم، حيث إنَّ الإمام یذکر في بعض الأحيان القاعدة بدون تدليل أو بيان، مما يضطرني إلى استعراض العديد من کتب الفقه والقواعد الفقهية بُغية الوصول إلى دليل أو توضيح لمعنى القاعدة، وهذا يتطلّب منّي جهداً كبيراً ومُضنياً.
٣- صعوبة تصنيف القواعد وترتيبها، وذلك لتداخل كثير منها وتشابهها، مما اقتضى عند الفصل بينها وتحريرها جهداً كبيراً.
وبعد :
فلستُ أدَّعي الكمال في عملي هذا، ولا تنزيهه عن النقص والقصور، فما هو إلاّ جهد عبد ضعيف، قليل البضاعة، وهو قبل كلّ شيء عملٌ بشريٌّ ليس بمأمَن مِن الزلل والخطأ، وحسبي أنَّني استفرغت فيه جهدي، وبذلت ما في وُسْعي، ولم أدَّخر في سبيل الوصول إلى الحقّ والصواب شيئاً مما يُبلغني إياه.
فما کان فيه من صواب فالفضل فيه لله وحده مِنَّة منه و کرماً، وله الحمد وله الشكر كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وما كان فيه من خطأ فمنّي ومن الشيطان، وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه.
15
كلمة شكر وعرفان
اعترافاً منّي بالفضل لأهله، فإنَّ أحقّ من أتوجه إليه بالشكر كلّ الشكر - بعد شكر الله تعالى - والداي الكريمان، اللذان كان لهما الأثر البالغ في حياتي، فلهما منّي الشكر الجزيل على اهتمامهما بي، وسؤالهما الدائم عنّي، ورعايتهما وتوجيههما المستَمَرَين، وما يُحيطانني به من الدعوات الصادقة الصالحة، فجزاهما الله عنّي خير الجزاء، وأسأل الله أن يحفظهما، وأن يمدَّ في عُمُرهما على طاعته، وأن يمتعهما بالصحة والعافية، وأن يُعينني علی برِّهما، وردِّ شيء من إحسانهما.
وإنَّ من دواعي سروري وغبطتي إنعام الله عليَّ بمشرف ناصح، وعالم جليل، وناقد بصير، وخلوق متواضع، ألا وهو شيخي وأستاذي، فضيلة أ.د : ناصر بن عبدالله ابن عبدالعزيز الميمان - حفظه الله ورعاه -، والذي ما فتئ يتعهدني بالنصح والتوجيه، والعناية والتسديد، رغم ضيق وقته، وكثرة مشاغله العلمية الجسام. فله منّي الشكر والتقدير والوفاء، وجزاه الله عنّي خير الجزاء، وزاده رفعة ومكانة في الدنيا والآخرة.
كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى جامعة أم القرى، وأخص بالذكر كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، تلك الكلية العزيزة على نفوسنا، وذلك الصرح العلمي الشامخ الحبيب إلى قلوبنا، والتي سعدتُ بالتشرّف بالانتساب إليها، والدراسة فيها، ممثلة في القائمين عليها، وجميع أساتذتها الفضلاء.
والشكر موصول لقسم الدراسات العليا الشرعية بهذه الكلية، بدءاً برئيسه السابق، فضيلة الشيخ الدكتور : علي بن صالح المحمادي، صاحب العقل الراجح، والخلق العالي، الذي أشار عليَّ بالكتابة في هذا الموضوع، فأجزل الله مثوبته، ونفع بعلمه.
والشكر موصول - أيضاً - لفضيلة الشيخ الدكتور: عبدالله بن مصلح الثمالي،
16
رئيس القسم حالياً، على ما يقوم به من جهود مباركة تجاه أبنائه من طلبة العلم في هذا القسم.
كما أتقدَّم بوافر الشكر وعظيم الامتنان إلى كلّ من مدَّ لي يد العون والمساعدة لإنجاز هذا البحث من الأساتذة الأجلاء، والزملاء الأوفياء، على ما قدَّموه لي من نصائح وتوجيهات استفدت منها كثيراً.
فللجميع منّي خالص الدعاء، وجزيل الشكر، وأجمل الثناء.
وفي الختام:
أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعل هذا العمل المتواضع خالصاً لوجهه الكريم، وأن يرزقني العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يغفر لي ولوالديَّ، ولمشايخي، ولجميع المسلمين والمسلمات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الباحث
أحمد بن محمد بن سعد الغامدي
17
الفصل الأول
دراسة موجزة للإمام ابن حزم، ولكتابه (المحلى)، وللقواعد
الفقهية بصفة عامة، ثم لمنهج ابن حزم فيها بصفة خاصة
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول
المبحث الثاني
المبحث الثالث
المبحث الرابع
18
المبحث الأول
ترجمة موجزة للإمام ابن حزم
ويشتمل على سبعة مطالب :
المطلب الأول
المطلب الثاني
المطلب الثالث
المطلب الرابع
المطلب الخامس
المطلب السادس
المطلب السابع
19
المطلب الأول
نسب الإمام ابن حزم، ومولده، ونشأته
جرت العادة عند الباحثين والمحققين، الذين يكتبون عن شخصية من الشخصيات العلمية، أن يتقدموا بين يدي أعمالهم بالحديث عن حياة ذلك الإمام الشخصية والعلمية.
ولقد وَجَدت شخصية الإمام ابن حزم الظاهري - اهتماماً واسعاً من العلماء والباحثين، المتقدمين منهم والمتأخرين، وما ذاك إلاَّ لشهرته، وكثرة مؤلفاته في شتى العلوم. وطلباً للاختصار، ورغبة عن الإطالة والتكرار، فإنني سأقدم فيما يلي ترجمة مختصرة لهذا الإمام في ضوء النقاط التالية:
أولاً: نسب الإمام ابن حزم (١)
اسمه ونسبه ونسبته: هو علي بن أحمد بن سعيد بن حَزْم بن غالب بن صالح
(١) تَرجم للإمام ابن حزم كثير من المؤرخين القدامى والمحدثين، تراجم مستقلة وضمنية.
ومن هذه التراجم: طبقات الأمم، صاعد التغلبي، ص ٧٥، الإكمال، ابن ماكولا ٢/ ٤٥١، جذوة المقتبس، الحميدي، ص ٣٠٨، مطمح الأنفس، القيسي، ص ٢٧٩، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، ابن بسّام ١٦٧/١، الصلة، ابن بشكوال ٣٩٥/٢، بغية الملتمس، الضبي، ص ٤١٥، معجم الأدباء، ياقوت الحموي ٤/ ١٦٥٠، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، القفطي، ص ١٥٦، المعجب، المراكشي، ص٩٣، وفيات الأعيان، ابن خلكان ٢/ ١٥٥، المغرب في حلي المغرب، الغرناطي ٢٧٤/١، طبقات علماء الحديث، ابن عبدالهادي ٣٤١/٣، تذكرة الحفاظ، الذهبي ١١٤٦/٣، سير أعلام النبلاء، الذهبي ١٨ / ١٨٤، مرآة الجنان، اليافعي ٧٩/٣، البداية والنهاية، ابن كثير ١٢/ ٧٣، الإحاطة في أخبار غرناطة، لسان الدين ابن الخطيب ٤/ ١١١، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، الفيروزآبادي، ص ١٤٦، لسان الميزان، ابن حجر ٤/ ٧٢٤، النجوم الزاهرة، الأتابكي ٧٥/٥، طبقات الحفاظ، السيوطي، ص ٤٣٥، نفح الطيب، المقَّري ٢/ ٢٩٢، شذرات الذهب، ابن العماد ٢٣٩/٥، أبجد العلوم، القنوجي ١٤٧/٣، التاج المكلل، القنوجي، ص ٨٧، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، الثعالبي ٢/ ٤٢، ابن حزم حياته وعصره وآراؤه الفقهية، أبي زهرة، الأعلام، الزركلي ٢٥٤/٤، معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة ٢/ ٣٩٣، الفتح المبين في طبقات الأصوليين، المراغي ١/ ٢٤٣، تاريخ الأدب العربي، عمر فُرُّخ ٥٣٤/٤، نوابغ الفكر الإسلامي، أنور الجندي، ص٢٢٩، دائرة المعارف الإسلامية ١/ ٢٥٤، ابن حزم الأندلسي حياته وأدبه، د. عبدالكريم خليفة، ابن حزم خلال ألف عام، أبي عقيل الظاهري، الإمام ابن حزم الظاهري، محمد أبي الصعيليك، ابن حزم وموقفه من الإلهیات، أحمد بن ناصر الحمد، ص ١٧ - ١١٦.
20