17
ومن الأدلة أيضًا على هذا القول ما ورد من الأحاديث والآثار في الإيمان بالمتشابه وعدم العلم به، وذم متبعيه، كقولهصلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" (^١).
وقوله: "واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا" (^٢).
كما استدلوا بإجماع الصحابة ﵃ على ترك تأويل المتشابه (^٣).
هذه أبرز الحجج التي استدل بها القائلون بأن تأويل المتشابه مما استأثر الله بعلمه (^٤)، وقد قال ابن قدامه بعد ذكره جملة من هذه الحجج: "فثبت بما ذكرناه من الوجوه أن تأويل المتشابه لا يعمله إلا الله تعالى، وأن متبعه من أهل الزيغ، وأنه محرم على كل أحد" (^٥).
وقد ذكر ابن الوزير اثنين وعشرين دليلًا على هذا القول (^٦).
القول الثاني:
أن تأويل المتشابه مما يعلمه الراسخون في العلم ويدركونه.
ومعنى هذا القول مروي عن ابن عباس، ومجاهد وغيرهم، ورجحه النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية (^٧).
وقد احتج أصحاب هذا القول بعدة أدلة منها:
ما جاء عن ابن عباس أنه قال: "أنا ممن يعلم تأويله" (^٨).

(^١) سنن أبي داود: كتاب السنة باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن، رقم ٣٩٨٢.
(^٢) رواه الحاكم في كتاب فضائل القرآن، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الذهبي في تلخيصه ٣١/ ٥ حديث رقم ٣١٩، ورواه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار ٤/ ١٨٤ - ١٨٥، طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند، عام ١٣٣٣.
(^٣) انظر: ذم التأويل ص ٤٠، أساس التقديس ص ٢٣٩.
(^٤) انظر ترجيح أساليب القرآن ص ١٢٩ - ١٤٤.
(^٥) ذم التأويل ص ٣٩.
(^٦) انظر: ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان: ١٢١.
(^٧) انظر: تفسير الطبري ٣/ ٢١٥، تأويل مشكل القرآن ص ٩٨ - ١٠١، معالم التنزيل للبغوي ١/ ٣٢٤، متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار ص ١٤، الكشاف للزمخشري ١/ ٤١٣، زاد المسير ١/ ٣٥٤، تفسير القرطبي ٥/ ٢٧، شرح صحيح مسلم للنووي ١٦/ ٢١٨، ط دار الكتاب العربي، بيروت، عام ١٤٠٧ تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٤٠٠، ضمن مجموع الفتاوى، تفسير ابن كثير ٢/ ٩، شرح الكوكب المنير ٢/ ١٥٣، فتح القدير للشوكاني ١/ ٥٢٧.
(^٨) تفسير الطبري ٣/ ٢١٥.

1 / 17