16

Al-Muqaddima fi al-'Usul - Ibn al-Qassar - Dar al-Ilmiyyah

المقدمة في الأصول - ابن القصار - ط العلمية

Penyiasat

محمد حسن محمد حسن إسماعيل

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

التابعون بعدهم وتابعوهم، فدل على صحة ما قلناه، وأنه إجماع من الفقهاء، والمحدثون يستعملونه في كل عصر وزمان، فوجب أنه جهل معمول به واللَّه أعلم. بَابُ الْكَلام فِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعِلْمِهِمْ (^١) قَدْ تقدّم أن مذهب مالك ﵀ وسائر العلماء -القول بإجماع الأمة، ومِن مذهب مالك العمل على إجماع أهل المدينة، فيما طريقه التوقيف منه ﵇ كإسقاط زكاة الخضراوات؛ لأنه معلوم أنها قَدْ كانت في وقت النبي ﷺ، ولم ينقل أنه أخذ منها الزكاة، وإجماع أهل المدينة على ذلك، فعمل عليه، وإن خالفهم غيرهم، وقد احتجّ مَلِك ﵀ بذلك في مَسَائِل يكثر تَعْدَادها، حيث يقول الأمر الذي لا اختلاف عندنا، وهو من خبر التواتر الَّذِي قد بَيَّنَا أَنَّه مذهبه وحجته في أنهم أَوْلَى من غيرهم فيما طريقه النقل عن النبي ﷺ؛ لأن الرسول ﵇ كانت هجرته إلى المدينة ومقامه بها، ونزول الوحي عليه فيها، واستقراء الأحكام والشَّرائع بها، وأهلها مُشَاهِدون لذلك كله، عالمون به لا يخفى عنهم شيء منه، وكانت حياته ﷺ معهم إلى أن قبض- على أوجه إما أن يأمرهم بالأَمر فيفعلونه، أو يفعل الأمر، فيتبعونه، أو يشاهدهم على أمر فيقرهم عليه، فلما كانت لهم هذه المنزلة منه ﵇ حتى انقطع التنزيل، وقبض بينهم ﷺ فحال أن يذهب وَهُمْ مع هذه الصفة ما سيدركه غيرهم؛ لأن غيرهم ممَّن ظعن منهم إلى المواضع هم الأقل، والأخبار عنهم أخبار الآحاد؛ لأن أعدادهم مضبوطة، وأخبار أهل المدينة أخبار تواتر، فكانت أولى من أخبار الآحاد. فإن قيل: فقد نقل إلى أهل المدينة أشياء كانت من النبي ﷺ في مغازيه لم يكونوا علموها قبل ذلك من النبي ﷺ. قيل: الذين نقلوا إليهم ذلك عن النبي ﷺ من أهل المدينة، فلم يخرج النقل عنهم. فإن قيل: فقد كانت منه ﷺ أشياء بمكة لما حجّ لم تكن بالمدينة. قيل: قد كان معه أهل المدينة في حجته فهم شَاهدوه أيضًا بـ "مكة"، ونقلوا عنه ما كان منه في حجه وغيره.

(^١) انظر البرهان ١/ ٧٢٠، والأحكام للآمدي ١/ ٧٢٠، ونهاية السول ٣/ ٢٦٣، والمستصفى ١/ ١٨٧.

1 / 28