162

Al-Muntakhab min Kutub Shaykh al-Islam

المنتخب من كتب شيخ الإسلام

Penerbit

دار الهدى للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

ولا ريب أنهم إذا كانوا على عادتهم الجاهلية - أي: من علمه أستاذ كان محالفًا له - كان المنتقل عن الأول إلى الثاني ظالمًا باغيًا ناقضًا لعهده غير موثوق بعقده، وهذا أيضًا حرام وإثم، هذا أعظم من إثم من لم يفعل مثل فعله؛ بل مثل هذا إذا انتقل إلى غير أستاذه وحالفه كان قد فعل حرامًا، فيكون مثل لحم الخنزير الميت؛ فإنه لا بعهد الله ورسوله أوفى ولا بعهد الأول؛ بل كان بمنزلة المتلاعب الذي لا عهد له ولا دين له ولا وفاء، وقد كانوا في الجاهلية يحالف الرجل قبيلة، فإذا وجد أقوى منها نقض عهد الأولى وحالف الثانية - وهو شبيه بحال هؤلاء -؛ فأنزل الله تعالى: ﴿وَلاَ تَنْقُضوا الأيْمانَ بَعْدَ تَوْكيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفيلًا إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلونَ. ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكاثًا تَتَّخِذونَ أيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إنَّما يَبْلُوَكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُمْ فيهِ تَخْتَلِفونَ. وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ولكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْألُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلونَ. وَلاَ تَتَّخِذوا أيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبوتِها وَتَذوقوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظيمٌ﴾ (١) .
وعليهم أن يأتمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر، ولا يدعوا بينهم من يظهر ظلمًا أو فاحشة، ولا يدعوا صبيًا أمرد يتبرج أو يظهر ما يفتن به الناس، ولا أن يعاشر من يتهم بعشرته، ولا يكرم لغرض فاسد.
ومن حالف شخصًا على أن يوالي من والاه ويعادي من عاداه كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى ولا من جند المسلمين، ولا يجوز أن يكون مثل هؤلاء من عسكر المسلمين؛ بل هؤلاء من عسكر الشيطان، ولكن يحسن أن يقول

(١) النحل: ٩١ - ٩٤.

1 / 171