al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān
المحرر في علوم القرآن
Penerbit
مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Genre-genre
المبحث الأول
الجمع في الصدور
أما الجمع في الصدور، فهو تيسير حفظه للمسلمين، فتراهم في شتى بقاع الأرض يترنَّمون بهذا القرآن حفظًا، وبعضهم لا يكاد يعرف العربية لا قراءة ولا كتابة، وتلك مزية لا تجدها لغير القرآن.
وموضوع حفظه في الصدور من الوضوح بمكان، لذا لا يحتاج الأمر إلى كثير تقرير له، ولقد نصَّت آياتٌ على تيسير هذا الأمر على رسول الله ﷺ، ومن ثمَّ على أمته التي ستحمل عنه هذا الكتاب الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى *إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ [الأعلى: ٦ - ٧]، وقوله تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *فَإِذَا قَرَانَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٩].
وأخرج البخاري بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵄، قال: «كان رسول الله ﷺ يعالج من التنْزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه - فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله ﷺ يحركهما - وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما فحرك شفتيه - فأنزل الله تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾. قال: جمعه في صدرك وتقرأه، ﴿فَإِذَا قَرَانَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾. قال: فاستمع له وأنصت، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾. ثم إن علينا أن تقرأه، فكان رسول الله ﷺ بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي ﷺ كما قرأه» (١).
(١) (يعالج) من المعالجة وهي محاولة الشيء بمشقة. (التنزيل) تنزيل القرآن عليه. (وكان =
1 / 148