Al-Mansuri fi al-Tibb
المنصوري في الطب
Genre-genre
إن هذا الباب ركن جليل من أركان حفظ الصحة. ولقد كان الأجود أن نقول فيه قولا واسعا يأتي على آخره. إلا أننا من أجل أن لا نحب أن نجاوز غرض كتابنا هذا ولا نقول في شيء من فصوله إلا قولا قصدا وجيزا مختصرا وجملا وجوامعا، نترك الاتساع والإبلاغ فيه، ونذكر منه عيونا ونكتا فنقول: إن الصداع الدائم الشديد والشقيقة يخشى منها نزول الماء في العين والانتشار. فلذلك ينبغي إن دام الصداع واشتد ولم تغن عنه الأدوية شيئا أن يتلاحق العليل بسل شرياني الصدغ. واختلاج الوجه الدائم الكثير القوي ينذر بلقوة قد قرب حدوثها. فينبغي إذا أحس بذلك أن يستعمل الإسهال القوي والقيء. ويدلك الوجه بخل خمر ثقيف قد غلي فيه فودنج. ويقلل الغذاء ويهجر الشراب البتة. ويستعمل النفض القوي والدلك البليغ والغرغرة والعطوس ويلطف التدبير. واختلاج جميع البدن إذا كثر ودام ينذر بالتشنج. فينبغي إذا حدث ذلك أن يستعمل النفض القوي والدلك البليغ ويلطف التدبير وأخد الأدوية الحارة مما قد ذكرنا في بابه. الخدر ينذر بالفالج، فينبغي إذا حدث ذلك أن يلطف التدبير ويستعمل النفض وتبديل المزاج بالأدوية المذكورة في باب الفالج. حمرة الوجه والعين وظهور العروق فيها والدموع السائلة منها والنفور من الضوء مع شدة الصداع ينذر بالسرسام. فينبغي أن يتلاحق بالفصد والإسهال ووضع الخل ودهن الورد على الرأس وتدبير البدن كله أكمل التدبير. الكابوس والدوار إذا داما وقويا ينذران بالصرع. فلذلك ينبغي أن لا يتغافل عنهما. بل إذا حدثا بودر بعلاجهما على ما ذكرنا في موضعه. الغم الشديد الدائم الذي لا يعرف له سبب، وخبث النفس، وسوء الرجاء ينذر بالماليخوليا فليتلاحق علاجه على ما ذكرنا في موضعه. إذا كان الإنسان يرى كأن بقا يطير أمام عينيه أو كان يرى أشعة أمامهما أو كان يرى حول ما يرى ضبابا أو دخانا فإنه ربما كان ذلك لابتداء نزول الماء. فليعرف ذلك ويتلاحق علاجه على ما بيناه في بابه. تواتر النزل والزكام يخاف منه السل والربو وعلل الرئة. فينبغي أن يتلاحق بعلاجه. العرق الكثير الدائم يدل على امتلاء كثير في البدن. فليبادر بالفصد وقلة الغذاء. فإن كانت منتنا، فقد تربت الحمى فليبادر بإسهال الصفراء. الخفقان الدائم الشديد المتدارك ينذر بالموت فجأة. فليبادر بالفصد واستعمال الأدوية القلبية. الامتلاء المفرط يخاف منه نفث الدم والسكتة والموت فجأة فليبادر بالفصد. خدر الحواس وضعف الحركات مع الامتلاء يخاف منه السكتة. فليبادر بالفصد والنفض والعطوس والغرغرة. الثقل في الناحية اليمنى عند ضلوع الخلف، والوخز والتمدد ينذر بعلة في الكبد. فليتلاحق علاجه على ما بيناه في بابه. البراز القليل الصبغ الخارج في ذلك عن حد العادة ينذر باليرقان. تهيج الوجه والورم في الأجفان والأطراف ينذر بالاستسقاء نتن البراز يدل على التخم وثقل في العروق. نتن البول ينذر بعفونة وحمى ستحدث. الإعياء الشديد والتكسير مع سقوط الشهوة ينذران بحمى. ذهاب الشهوة مع الغثي والنفخ ووجه الأطراف ينذر بالقولنج فليتلاحق بالنوم الطويل والإمساك عن الطعام والغذاء. ثم العلاج بالأدوية الموصوفة. الثقل والتمدد في أسفل الظهر والخواصر مع تغير حال البول عن العادة المعتادة ينذران بعلة قد بدأت في الكلى فليتلاحق. البول الذي يحرق إن دام أورث قروحا في المثانة وقروحا في القضيب فليتلاحق بما ذكرنا في بابه. الخلفة التي تحرق المقعدة وتمغص تؤدي إلى السحج فليتلاحق. الحكاك في المقعدة ينذر ببواسير تحدث. إلا أن يكون من أجل ديدان صغار هناك . كثرة الدماميل يخشى منه خراج عظيم. كثرة السلع يخشى منه دبيلة عظيمة. البهق الأبيض الكثير يخشى منه البرص. شدة حمرة الوجه وكمده وضيق النفس ينذر بجذام. يحدث متى تغيرت حالة من أحوال البدن الصحيح عما جرت به العادة من فرط الشهوة أو تقصير فيها أو فرط فيما يبرز عن البدن أو نقصان منه، أو كثر النوم أو قل أو اضطرب وتشوش أو جرى من البدن عرق على غير العادة أو احتقن أو احتبس فيه شيء كان يجري منه نحو دم البواسير والطمث، أو نزف دم كان يجري بأدوار ورعاف أو حدث للبدن فتور في الذهن وكلال أو وجد في الفم طعما غريبا. أو استلذ ما كان لا يستلذ، وبالضد أو رأى زيادة في شهوة الجماع أو نقصانا أو رأى في النوم أحلاما على غير العادة أو حال لون البدن وملمسه عما كان عليه وبالجملة متى حدث شيء غير معتاد ودام ذلك ونمى فإنه ينذر بمرض. فينبغي أن يبحث عن سببه ويتلاحق بعلاجه. وإذا ظهرت في البدن دلائل الامتلاء فليبادر بالفصد وتقليل الغذاء. وإذا ظهرت عليه دلائل غلبة خلط فليبادر بإسهاله بالأدوية التي تخرج ذلك الخلط. ومتى كان إنسان تعتاده علة بأدوار ونوائب معلومة فينبغي أن يبادر قبل وقت النوبة بفصده أو بإسهاله وسائر علاجه على ما قد بين في بابه.
في الهمم النفسية:
ما كان من هذه سارة مفرحة للنفس، قوت القوة وأثارت الطبيعة وأعانتها في أفعالها ونفعت جميع الأصحاء إلا ما كان منهم يحتاج أن ينقص لحمه لفرطه. على أن هؤلاء ليس هم أصحاء. وضد هذه الأشياء مما يغم فإنه ضار بجميع الأصحاء إلا لهؤلاء الذين يحتاجون إلى تنقيص لحومهم.
في العادات:
ينبغي أن يتحفظ بالعادات ويجري مجراها إلا أن تكون مفرطة الرداءة. فإذا كانت كذلك فلينتقل الإنسان عنها قليلا قليلا بالتدريج وليحذر أن تجري العادة. ويتأكد بلزوم طعام أو شراب ما أو اجتنابهما أو بنوم أو بحركة أو ببراز أو بجماع. فإنها إذا تأكدت هذا التأكيد عظم الضرر من الإخلال بها. وليعتد الإنسان ويمرن نفسه على لقاء الحر والبرد والحركة والأغذية التي لا بد له منها وتبديل أوقات النوم واليقظة والتبرز والثبوت التي ربما اضطر إلى تبديلها.
فيما يمنع ضرر الأغذية غير الموافقة:
Halaman 214