121

Al-Mansuri fi al-Tibb

المنصوري في الطب

Genre-genre

Ilmu Alam

ينبغي أن يطعم الإنسان إذا نزل ثقل الطعام المتقدم وخفت الناحية السقلى من البطن ولم يبق فيها تمدد وتحرك حركة موافقة وثارت الشهوة. وينبغي أن لا يدافع بالأكل إذا هاجت الشهوة إلا أن تكون شهوة كاذبة كالتي تهيج بالسكارى والمتخمين. فأما إذا اشتهى الإنسان الطعام وليس بسكران ولا كان ما تقدم من عذائه كثيرا غليظا فليأكل وقته ذلك ولا يدافع به فإنه أجود. فإن اتفق ذلك في حالة ما أن يتدافع له بالأكل حتى تسقط شهوته وبعد أن كانت قد ثارت فينبغي أن يشرب جلابا أو سكنجبينا أو ماء حارا ويؤخر الغذاء ساعة حتى يتقيأ أو يطلق البطن أو تهيج الشهوة ثم يعاود ويأكل. ولا ينبغي أن يتملأ من الطعام حتى تتمدد المعدة وتثقل غاية الثقل ويضيق النفس. بل إن عرض مثل هذا في يوم فينبغي أن يقيئ ذلك قبل أن ينحدر وإن لم يتفق ذلك فليزد في النوم ثم في الحركة. وليأخذ ما يحدر ما في البطن ويقل مقدار الغذاء من غد. وليغتذي كل إنسان من الأغذية المألوفة بمقدار ما جرت به عادته من المرات إلا أن تكون عادته رديئة فيحتاج أن ينتقل عنها، فإنه عند ذلك ينبغي أن ينقل نفسه عنها قليلا قليلا بالتدريج وأقل ما يكون الأكل في اليوم والليلة للإصحاء مرة واحدة وأكثره مرتين وأعدله أن يكون ثلاث أكلات في اليومين. والأكل مرة واحدة يضر بأصحاب الأبدان النحيفة اليابسة. والأكل مرتين يضر بأصحاب الجثث الغليظة الخصبة. ومن كان كثير الحركة والتعب احتاج من الغذاء إلى ما هو أكثر وأمتن وبالضد. وينبغي أن يتناول كل إنسان من الأغذية الملائمة له. فإنه ربما لاءمت أحد الأغذية بعض الناس وكانت رديئة فلا يحتاج أن يتوقاها توقي سائر الناس لها. وربما كانت بعض الأغذية الحميدة غير ملائمة لواحد من الناس فيحتاج أن يتوقاها. والأغذية المألوفة التي تميل إليها الشهوة وإن كانت أردأ فإنها أوفق. إلا أن تكون مفرطة الرداءة. ولا ينبغي أن تدمن الأغذية الرديئة. فإن أدمنت فليتعاهد بدواء مسهل من شأنه إخراج الخلط الرديء المتولد عن ذلك الطعام. وأما في وقت أكلها فينبغي أن يوكل معها أو يشرب بعدها شيء يعد لها ويصلح منها على ما نحن ذاكروه بعد أن شاء الله تعالى. ومما يسوء به الهضم ويفسد أن تؤكل أغذية مختلفة في وقت واحد، وأن يقدم الغذاء الأغلظ قبل الأرق الألطف. أو أن يكثر الألوان ويطول الأكل جدا حتى يسبق أوله آخره بوقت طويل. وليكن الطعام في الشتاء حارا بالفعل وفي الصيف باردا على أنه ينبغي أن ينحدر الطعام الشديد الحر الذي أنزل عن النار وقته ذلك والشديد البرد كالأطعمة المبردة بالثلج. فإن هذه أيضا لا ينبغي أن تدمن بل تؤخذ وتؤكل في وقت شديد الحر وفي حالة التهاب البدن. وأفضل أوقات الأكل هي الأوقات الباردة. فإن لم يمكن، فليكن في المساكن الباردة وفي الأوقات التي يكون بعدها الراحة والنوم.

في ذكر الفواكه الرطبة وتدبيرها:

أما الفواكه الرطبة فلتقدم قبل الطعام إلا ما كان له منها إبطاء ووقوف طويل في المعدة. وفيه قبض وحموضة كالسفرجل والرمان والتفاح. فإذا لم يراد الإكثار منها بل أخذت على جهة التداوي بها، فالأجود في حفظ الصحة أن تجتنب الفواكه الرطبة ولا يكثر منها، وإن أكثر منها تلوحق ذلك بأدوية مسهلة وبالرياضة، ويصلح أن يؤكل من الفواكه الرطبة في يوم يتفق فيه تعب شديد والتهاب في المعدة، فإنه يصلح في هذه الحال أن تؤكل الفواكه الرطبة مثل العنب والتين والإجاص والتوت والمشمش المبرد بالماء والثلج ثم يطعم بعدها بمديدة. وينبغي أن يتوقى التخم، فإن ثقل الطعام في وقت ما يخفف في الذي يليه. فإن اتفق ذلك في أيام متوالية فليشرب دواء مسهل من الأدوية غير المفرطة الإسهال بل المستعملة لإخراج الثفل وتنقية المعدة والأمعاء وجداول الكبد، كالأطريفل الصغير المعجون فيه الأيارج والتربذ وكالحب المتخذ بالأفاوية وحب الصبر والمصطكي وجوارشن السفرجل المسهل والتمري والشهرياري ونحوها. ومن الناس من يستمرئ الأغذية الغليظة فتفسد في معدهم الأغذية اللطيفة. فليغذى هؤلاء بما لا يفسد في معدتهم وبما يستمرئونه، وبالضد فليفعل فيمن حاله ضد حال هؤلاء ومن يكثر فيه تولد خلط ما يتأذى به فليجعل أكثر أغذيتهم مما يضاد ذلك الخلط ويمنع تولده.

Halaman 206