Al-Majmu' Sharh al-Muhadhhab
المجموع شرح المهذب
Penerbit
إدارة الطباعة المنيرية
Lokasi Penerbit
مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة
عَمَايَةِ الْجَهَالَةِ وَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ آلَ أَمْرُهُ إلى عزالآخرة وَالدُّنْيَا وَمِنْهُ الْأَثَرُ الْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما ذلك طَالِبًا فَعُزِّزْتُ مَطْلُوبًا
* وَمِنْ آدَابِهِ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ وَأَنْ يَكُونَ هِمَّتُهُ عَالِيَةً فَلَا يَرْضَى بِالْيَسِيرِ مع امكان كثير وَأَنْ لَا يُسَوِّفَ فِي اشْتِغَالِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ تَحْصِيلَ فَائِدَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِنْ أَمِنَ حُصُولَهَا بَعْدَ سَاعَةٍ لِأَنَّ لِلتَّأْخِيرِ آفات ولا نه فِي الزَّمَنِ الثَّانِي يُحَصِّلُ غَيْرَهَا: وَعَنْ الرَّبِيعِ قَالَ لَمْ أَرَ الشَّافِعِيَّ آكِلًا بِنَهَارٍ وَلَا نائما بليل لا هتمامه بِالتَّصْنِيفِ: وَلَا يُحَمِّلُ نَفْسَهُ مَا لَا تُطِيقُ مَخَافَةَ الْمَلَلِ وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ: وَإِذَا جَاءَ مَجْلِسَ الشَّيْخِ فَلَمْ يَجِدْهُ انْتَظَرَهُ وَلَا يُفَوِّتُ
دَرْسَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ كَرَاهَةَ الشَّيْخِ لِذَلِكَ بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْ حَالِهِ الْإِقْرَاءَ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَلَا يَشُقَّ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِهِ: قَالَ الْخَطِيبُ وَإِذَا وَجَدَهُ نَائِمًا لَا يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ أَوْ يَنْصَرِفُ وَالِاخْتِيَارُ الصَّبْرُ كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسَّلَفُ يَفْعَلُونَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْتَنِمَ التَّحْصِيلَ فِي وَقْتِ الْفَرَاغِ وَالنَّشَاطِ وَحَالِ الشَّبَابِ وَقُوَّةِ البدن ونباهة الخاطى وَقِلَّةِ الشَّوَاغِلِ قَبْلَ عَوَارِضِ الْبَطَالَةِ وَارْتِفَاعِ الْمَنْزِلَةِ: فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ ﵁ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَفَقَّهْ قَبْلَ أَنْ تَرْأَسَ فَإِذَا رَأَسْتَ فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّفَقُّهِ: وَيَعْتَنِيَ بِتَصْحِيحِ دَرْسِهِ الَّذِي يَتَحَفَّظُهُ تَصْحِيحًا مُتْقَنًا عَلَى الشَّيْخِ ثُمَّ يَحْفَظُهُ حِفْظًا محكما ثم بعد حفظه يُكَرِّرُهُ مَرَّاتٍ لِيَرْسَخَ رُسُوخًا مُتَأَكَّدًا ثُمَّ يُرَاعِيه بحيت لا يزال محفوظا جيدا ويبتدأ دَرْسَهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ وَالدُّعَاءِ لِلْعُلَمَاءِ وَمَشَايِخِهِ وَوَالِدَيْهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيُبَكِّرُ بِدَرْسِهِ لِحَدِيثِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لا متى فِي بُكُورِهَا وَيُدَاوِمُ عَلَى تَكْرَارِ مَحْفُوظَاتِهِ وَلَا يَحْفَظُ ابْتِدَاءً مِنْ الْكُتُبِ اسْتِقْلَالًا بَلْ يُصَحِّحُ عَلَى الشَّيْخِ كَمَا ذَكَرْنَا فَالِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ مِنْ أَضَرِّ الْمَفَاسِدِ: وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّافِعِيُّ ﵀ بِقَوْلِهِ مَنْ تَفَقَّهَ مِنْ الْكُتُبِ ضَيَّعَ الْأَحْكَامَ: وَلْيُذَاكِرْ بِمَحْفُوظَاتِهِ وَلْيُدِمْ الْفِكْرَ فِيهَا وَيَعْتَنِي بِمَا يُحَصِّلُ فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَلْيُرَافِقْ بَعْضَ حَاضِرِي حَلْقَةِ الشَّيْخِ فِي الْمُذَاكَرَةِ: قَالَ الْخَطِيبُ.
وَأَفْضَلُ الْمُذَاكَرَةِ مُذَاكَرَةُ اللَّيْلِ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ السلف يفعلون ذلك وكان جماعة منهم يبدؤن من لعشاء فَرُبَّمَا لَمْ يَقُومُوا حَتَّى يَسْمَعُوا أَذَانَ الصُّبْحِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْ دُرُوسِهِ عَلَى الْمَشَايِخِ: وَفِي الْحِفْظِ وَالتَّكْرَارِ وَالْمُطَالَعَةِ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ: وَأَوَّلُ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ حِفْظُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَهُوَ أَهَمُّ الْعُلُومِ وَكَانَ السَّلَفُ لَا يُعَلِّمُونَ الْحَدِيثَ والفقه إلا لمن حفظ الْقُرْآنَ وَإِذَا حَفِظَهُ فَلْيَحْذَرْ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْهُ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِمَا اشْتِغَالًا يُؤَدِّي إلَى نِسْيَانِ شئ مِنْهُ أَوْ تَعْرِيضِهِ لِلنِّسْيَانِ: وَبَعْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ يَحْفَظُ مِنْ كُلِّ فَنٍّ مُخْتَصَرًا وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَمِنْ أَهَمِّهَا الْفِقْهُ وَالنَّحْوُ ثُمَّ الْحَدِيثُ وَالْأُصُولُ ثُمَّ الْبَاقِي عَلَى مَا تَيَسَّرَ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِاسْتِشْرَاحِ مَحْفُوظَاتِهِ وَيَعْتَمِدُ مِنْ الشُّيُوخِ فِي كُلِّ فن أكملهما فِي الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ شَرْحُ دُرُوسٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَعَلَ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُمْكِنِ مِنْ دَرْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِذَا اعْتَمَدَ شَيْخًا فِي فَنٍّ وَكَانَ لَا يَتَأَذَّى بِقِرَاءَةِ ذَلِكَ الْفَنِّ عَلَى غَيْرِهِ فَلْيَقْرَأْ أَيْضًا عَلَى ثَانٍ وَثَالِثٍ وَأَكْثَرَ مَا لَمْ يَتَأَذَّوْا فان تأذ الْمُعْتَمَدُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَرَاعَى قَلْبَهُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى انْتِفَاعِهِ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي
أَنْ لَا يَتَأَذَّى مِنْ هَذَا: وَإِذَا بَحَثَ الْمُخْتَصَرَاتِ انْتَقَلَ إلَى بَحْثٍ أَكْبَرَ مِنْهَا مَعَ الْمُطَالَعَةِ الْمُتْقَنَةِ وَالْعِنَايَةِ الدَّائِمَةِ الْمُحْكَمَةِ وَتَعْلِيقِ مَا يَرَاهُ مِنْ النَّفَائِسِ: وَالْغَرَائِبِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ مِمَّا يَرَاهُ فِي الْمُطَالَعَةِ أَوْ يَسْمَعُهُ
1 / 38