28

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhhab

المجموع شرح المهذب

Penerbit

إدارة الطباعة المنيرية

Lokasi Penerbit

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

Genre-genre

Fikah
Fiqh Shafie
بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحَدِيثُ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ * وَمِنْهَا اسْتِعْمَالُهُ أَحَادِيثَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ وَسَائِرِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّاتِ: وَمِنْهَا دَوَامُ مُرَاقَبَتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَلَانِيَتِهِ وَسِرِّهِ مُحَافِظًا عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَوَافِلِ الصلوات والصوم وغيرهما مُعَوِّلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَمْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ مُفَوِّضًا فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ أَمْرَهُ إلَيْهِ * وَمِنْهَا وَهُوَ مِنْ أَهَمِّهَا أَنْ لَا يَذِلَّ الْعِلْمَ وَلَا يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَكَان يَنْتَسِبُ إلَى مَنْ يَتَعَلَّمُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ كَبِيرَ الْقَدْرِ بَلْ يَصُونُ الْعِلْمَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا صَانَهُ السَّلَفُ: وَأَخْبَارُهُمْ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ مَعَ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ: فَإِنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ اقْتَضَتْ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَةِ ابْتِذَالِهِ رَجَوْنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مَا دَامَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِي هَذَا * وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا صَحِيحًا جَائِزًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخْبِرَ أَصْحَابَهُ وَمَنْ يَرَاهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لِيَنْتَفِعُوا وَلِئَلَّا يَأْثَمُوا بِظَنِّهِمْ الْبَاطِلَ وَلِئَلَّا يَنْفِرُوا عَنْهُ وَيَمْتَنِعَ الانتفاع بعمله: وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ إنَّهَا صَفِيَّةُ فَصَلِّ ومن آدابه أدبه فِي دَرْسِهِ وَاشْتِغَالِهِ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَزَالَ مجتهدا في الاشتغال بالعلم قراءة واقراءا وَمُطَالَعَةً وَتَعْلِيقًا وَمُبَاحَثَةً وَمُذَاكَرَةً وَتَصْنِيفًا: وَلَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ التَّعَلُّمِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي سِنٍّ أَوْ نَسَبٍ أَوْ شُهْرَةٍ أَوْ دِينٍ أَوْ فِي عِلْمٍ آخَرَ بَلْ يَحْرِصُ عَلَى الْفَائِدَةِ مِمَّنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي جميع هذا: ولا يستحيى مِنْ السُّؤَالِ عَمَّا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ ﵄ قَالَا مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ * وَعَنْ مُجَاهِدٍ لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ: وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ * وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ عَالِمًا مَا تَعَلَّمَ فَإِذَا تَرَكَ الْعِلْمَ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَغْنَى وَاكْتَفَى بِمَا عِنْدَهُ فَهُوَ أَجْهَلُ مَا يَكُونُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْنَعَهُ ارْتِفَاعُ مَنْصِبِهِ وَشُهْرَتِهِ مِنْ اسْتِفَادَةِ مَا لَا يَعْرِفُهُ فَقَدْ كَانَ كَثِيرُونَ مِنْ السَّلَفِ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ تَلَامِذَتِهِمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ رِوَايَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ التَّابِعِينَ وَرَوَى جَمَاعَاتٌ مِنْ التَّابِعِينَ عَنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ: وَهَذَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ لَيْسَ تَابِعِيًّا وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ مِنْ التَّابِعِينَ: وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قرأ لم يكن الذين كفروا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁ وَقَالَ أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ فَاسْتَنْبَطَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا فَوَائِدَ * مِنْهَا بَيَانُ التَّوَاضُعِ وَأَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَفْضُولِ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُلَازَمَةُ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ هي مطلوبه ورأس ما له فَلَا يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى غَيْرِهِ فِي وَقْتٍ فَعَلَ ذَلِكَ الْغَيْرَ بَعْدَ تَحْصِيلِ وَظِيفَتِهِ مِنْ الْعِلْمِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِالتَّصْنِيفِ إذا تأهل له فبه يَطَّلِعُ عَلَى حَقَائِقِ الْعِلْمِ وَدَقَائِقِهِ وَيَثْبُتُ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَضْطَرُّهُ إلَى كَثْرَةِ التَّفْتِيشِ وَالْمُطَالَعَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى مُخْتَلَفِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَّفِقِهِ وَوَاضِحِهِ مِنْ مُشْكِلِهِ: وَصَحِيحِهِ مِنْ ضَعِيفِهِ: وَجَزْلِهِ مِنْ رَكِيكِهِ وَمَا لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَبِهِ يَتَّصِفُ الْمُحَقِّقُ بِصِفَةِ

1 / 29