Al-Majmu' Sharh al-Muhadhhab
المجموع شرح المهذب
Penerbit
إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي
Lokasi Penerbit
القاهرة
قلتين وراية الشَّكِّ شَاذَّةٌ غَرِيبَةٌ فَهِيَ مَتْرُوكَةٌ فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَا نَعْلَمُ قَدْرَ الْقُلَّتَيْنِ فَالْمُرَادُ قِلَالُ هَجَرَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ مَشْهُورَةً يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ الاسراء فقال رفعت لي السدرة الْمُنْتَهَى فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيلَةِ وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْقِلَالَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَهُمْ مَشْهُورَةٌ وَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّهُ ﷺ يجدد لَهُمْ أَوْ يُمَثِّلُ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ وَلَا يَهْتَدُونَ إلَيْهِ: فَإِنْ قَالُوا رُوِيَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً وَرُوِيَ أَرْبَعِينَ غَرْبًا وَهَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ: فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَإِنَّمَا نُقِلَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصر وأربعين غربا أي هُرَيْرَةَ كَمَا سَبَقَ: وَحَدِيثُ النَّبِيِّ ﷺ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهَذَا مَا نَعْتَمِدُهُ فِي الْجَوَابِ: وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ صِغَارٌ تَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ فَقَطْ: فَإِنْ قَالُوا يُحْمَلُ عَلَى الْجَارِي: فَالْجَوَابُ أَنَّ الحديث عام يتناول الجارى والرا كد فَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِلَا دَلِيلٍ وَلِأَنَّ تَوْقِيتَهُ بِقُلَّتَيْنِ يَمْنَعُ حَمْلَهُ عَلَى الْجَارِي عِنْدَهُمْ: فَإِنْ قَالُوا لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمُتَغَيِّرِ بِنَجَاسَةٍ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَامٌّ خُصَّ فِي بَعْضِهِ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ كما هو المختار في الاوصول: فَإِنْ قَالُوا قَدْ رَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَحَّ مَوْصُولًا مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طُرُقِ الثِّقَاتِ فَلَا يَضُرُّ تفرد واحد لم يحفظ تَوَقُّفُهُ: وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ إمَامِ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ ابْنَ عُلَيَّةَ لَمْ يرفعه قَالَ يَحْيَى وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُلَيَّةَ فَالْحَدِيثُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ فَإِنْ قَالُوا إنَّمَا لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لِضَعْفِهِ عَنْهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ: فَالْجَوَابُ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ إنَّ هَذَا جَهْلٌ بِمَعَانِي الْكَلَامِ وَبِطُرُقِ الْحَدِيثِ أَمَّا جَهْلُ قَائِلِهِ بِطُرُقِ الْحَدِيثِ فَفِي رواية صحيحة لا بي دَاوُد إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهَا فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَعَيَّنَ حَمْلُ الْأُخْرَى عَلَيْهَا وَأَنَّ مَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَنْجُسْ: وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ أَحْسَنُ تَفْسِيرِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِذَلِكَ
الْحَدِيثِ
* وَأَمَّا جَهْلُهُ بِمَعَانِي الْكَلَامِ فَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ﷺ جَعَلَ الْقُلَّتَيْنِ
1 / 115