46

Al-Madkhal

المدخل

Penerbit

دار التراث

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fiqh Maliki
فِي الْعَقْلِ وَحِرْمَانٌ بَيِّنٌ فَيَحْتَاجُ لِأَجْلِ هَذَا أَنْ يَنْوِيَ حِينَ الْخُرُوجِ التَّحَفُّظَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا حَتَّى يَكُونَ مُتَيَقِّظًا إذَا وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَيُغَيِّرَهُ بِاَلَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ جُهْدُهُ مَرَّةً بِالْيَدِ وَأُخْرَى بِاللِّسَانِ وَأُخْرَى بِالْقَلْبِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَرَاءٌ فَلْيَتَحَفَّظْ مِنْ تَرْكِ الثَّالِثِ فَإِنَّ تَرْكَهُ خَطَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَالُ ذَلِكَ. مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مَوْجُودٌ الْيَوْمَ بَيْنَنَا فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ بِالْمَدِّ الْفَاحِشِ وَالنَّقْصِ بِحَسَبِ مَا يُوَافِقُ نَغَمَاتِهِمْ فِي الطَّرِيقَةِ الَّتِي ارْتَكَبُوهَا وَمَضَتْ عَلَيْهَا سُنَّتُهُمْ الذَّمِيمَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ هَلْ يَجُوزُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ أَمْ لَا لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ حَيْثُ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» . فَذَهَبَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ﵀ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ الْأَلْحَانِ فَقَالَ: لَا تُعْجِبُنِي، وَإِنَّمَا هُوَ غِنَاءٌ يَتَغَنَّوْنَ بِهِ لِيَأْخُذُوا عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَحَمَلُوهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُؤَوَّلٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى يَتَغَنَّى يَسْتَغْنِي بِهِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ وَقِيلَ: يَجْهَرُ بِهِ لِقَوْلِهِ ﵊ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» . قَالَ: عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْنَاهُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ. وَقَالَ: ﵊ «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ» قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ أَيْ: يَسْتَغْنِي بِهِ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ الْأَخْبَارِ وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ذَهَبَ الْبُخَارِيُّ ﵀ لِاتِّبَاعِهِ التَّرْجَمَةَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥١] وَالْمُرَادُ الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ عِلْمِ أَخْبَارِ الْأُمَمِ قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَقِيلَ: إنَّ مَعْنَى يَتَغَنَّى بِهِ يَتَحَزَّنُ بِهِ أَيْ: يَظْهَرُ فِي قَارِئِهِ الْحُزْنُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ السُّرُورِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ وَتِلَاوَتِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْغُنْيَةِ

1 / 51