Al-Khitaba - University of Madinah
الخطابة - جامعة المدينة
Penerbit
جامعة المدينة العالمية
Genre-genre
فما هو إلا أن يقف بين الناس واعظًا، أو يقوم في الجنود ناصحًا؛ حتى يهدر بكلامه، وحتى تنصاع له القلوب انصياعًا.
ومن خطبه ﵁ بعد أن ولي الخلافة، أنه قام في الناس خطيبًا فقال: "إن الله ﷿ قد ولاني أمركم، وقد علمت أنفع ما بحضرتكم لكم، وإني أسأل الله أن يعينني عليه، وأن يحرسني عنده، كما حرسني عند غيره، وأن يُلهمني العَدْلَ في قَسْمِكُم كالذي أمرني به، وإني امرؤ مسلم وعبد ضعيف إلا ما أعان الله ﷿ ولن يُغير الذي وليت خلافتكم من خلقي شيئًا إن شاء الله، إنما العظمة لله ﷿ وليس للعباد منها شيء، فلا يقولن أحد منكم: إنّ عُمَرَ تَغَيّر منذ ولي، أعقل الحق من نفسي، وأتقدم وأُبَيّن لكم أمْرِي؛ فأيُّما رجل كانت له حاجة، أو ظُلم مظلمة، أو عتب علينا في خُلق فليؤذني، فإنما أنا رجل منكم.
فعليكم بتقوى الله في سركم وعلانيتكم، وحرماتكم وأعراضكم، وأعطوا الحق من أنفسكم، ولا يحمل بعضكم بعضًا على أن تحاكموا إلي؛ فإنه ليس بيني وبين أحد من الناس هوادة، وأنا حبيبٌ إليّ صلاحُكُم، عزيز عليّ عنتكم، وأنْتُم أناسٌ عامّتكم حضر في بلاد الله، وأهل بلد لا زرع فيه ولا ضرع إلا ما جاء الله به إليه، وإن الله ﷿ قد وعدكم كرامة كثيرة، وأنا مسئولٌ عن أمانتي، وما أنا فيه، ومُطّلعٌ على ما بحضرتي بنفسي إن شاء الله، لا أكله إلى أحد، ولا أستطيع ما بعد منه إلا بالأمناء وأهل النصح منكم للعامة، ولست أجعل أمانتي إلى أحد سواهم إن شاء الله تعالى".
ومن مواعظه ﵁ أنه قال ذات يوم: "إنّ الله -سبحانه وبحمده- قد استوجب عليكم الشكر، واتخذ عليكم الحجج فيما آتاكم من كرامة الآخرة والدنيا من غير مسألة منكم له، ولا رغبة منكم فيه إليه؛ فخَلَقكم ﵎ ولم تكونوا
1 / 176