Al-Kharaj
الخراج
Penyiasat
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Penerbit
المكتبة الأزهرية للتراث
Nombor Edisi
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Tahun Penerbitan
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
مُحْتَمِلَةٍ لَهُ وَرَأَيْنَا أَخْذَهُمْ بِذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى جَلائِهِمْ عَنْ أَرْضِهِمْ. وَتَرْكِهِمْ لَهَا، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخَرَاجَ عَلَيْهِمْ- سَأَلَ عَنْهُمْ: أَيُطِيقُونَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَتَقَدَّمَ فِي أَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، اتَّبَعْنَا مَا أَمَرَ بِهِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ، وَرَجَوْنَا أَنْ يَكُونَ الرُّشْدُ فِي امْتِثَالِ أَمْرِهِ؛ فَلَمْ نُحَمِّلْهُمْ مَا لَا يَطِيقُونَ وَلَمْ نَأْخُذَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ إِلا بِمَا تحتمله أَرضهم.
دَلِيل ذَلِك:
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَنْقُصَ وَيَزِيدَ فِيمَا يُوَظِّفُهُ مِنَ الْخَرَاجِ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُونَ، وَأَنْ يُصَيِّرَ عَلَى كُلِّ أَرْضٍ مَا شَاءَ بَعْدَ أَنْ لَا يَجْحَفَ ذَلِكَ بِأَهْلِهَا مِنْ مُقَاسَمَةِ الْغَلاتِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ عَلَى مِسَاحَةِ جريانها١ أَنَّ عُمَرَ ﵁ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا، وَعَلَى الْجَرِيبِ مِنَ النَّخْلِ ثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُ أَلْغَى النَّخْلَ عَوْنًا لأَهْلِ الأَرْضِ، وَقَالُوا إِنَّهُ جَعَلَ فِيمَا سُقِيَ مِنْهُ سَيْحًا الْعُشْرَ وَفِيمَا سُقِيَ بِالدَّالِيَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمَا كَانَ مِنْ نَخْلٍ عُمِلَتْ أَرْضُهُ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَجَعَلَ عَلَى الْكَرْمِ وَالرِّطَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ.
وَوَجَّهَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ إِلَى أَرْضِ نَجْرَانَ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُقَاسِمَ أَهْلَ الأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مِمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ غَلَّةٍ وَأَنْ يُقَاسِمَهُمْ ثَمَرَ النَّخْلِ مَا كَانَ مِنْهُ يُسْقَى سَيْحًا؛ فَلِلْمُسْلِمِينَ الثُّلُثَانِ وَلَهُمُ الثُّلُثُ وَمَا كَانَ يُسْقَى بِغَرْبٍ فَلَهُمُ الثُّلُثَانِ وَلِلْمُسْلِمِينَ الثُّلُثُ.
فَفِي هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ مِنْ عُمَرَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ وَفِي أَرْضِ نَجْرَانَ مَا يَدُلُّ على أَن للْإِمَام أَن يختال؛ فَيَجْعَلَ عَلَى كُلِّ أَرْضٍ مِنَ الْخَرَاجِ مَا يَحْتَمِلُ وَيَطِيقُ أَهْلُهَا.
أَو لَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عُنْوَةً وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهَا خَرَاجًا وَدَفَعَهَا إِلَى الْيَهُودِ مُسَاقَاةً بِالنِّصْفِ؟ وَأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا افْتَتَحَ السَّوَادَ نَاظَرَ بَعْضَ دَهَاقِينِ الْعِرَاقِ، وَسَأَلَهُمْ: كَمْ كُنْتُمْ تُؤَدُّونَ إِلَى الأَعَاجِمِ فِي أَرْضِكُمْ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةً وَعِشْرِينَ؛ فَقَالَ: لَا أَرْضَى بِهَذَا مِنْكُمْ؛ فَرَأَى أَنْ تُمْسَحَ الْبِلادُ وَجَعَلَ عَلَيْهَا الْخراج، وَكَانَ ذَلِك عِنْد أَصْلَحَ لأَهْلِ الْخَرَاجِ وَأَحْسَنَ رَدًّا وَزِيَادَةً فِي الْفَيْءِ مِنْ غَيْرِ أَن يحملهم مَا لَا
_________
١ والجريب مكيال يسع أَرْبَعَة أَقْفِزَة، والقفيز يعادل الْآن نَحْو سنة عشر كيلو جراما.
1 / 98