Al-Kharaj
الخراج
Editor
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Penerbit
المكتبة الأزهرية للتراث
Edisi
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Tahun Penerbitan
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: فِي مَوَاتِ الأَرْضِ فِي الصُّلْحِ وَالْعُنْوَةِ وَغَيْرِهِمَا
وَسَأَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الأَرَضِينَ الَّتِي افْتُتِحَتْ عُنْوَةً أَوْ صُولِحَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَفِي بَعْضِ قُرَاهَا أَرْضٌ كَثِيرَةٌ لَا يُرَى عَلَيْهَا أَثَرُ زِرَاعَةٍ وَلا بِنَاءٍ لأَحَدٍ، مَا الصَّلاحُ فِيهَا؟ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَهِ الأَرَضِينَ أَثَرُ بِنَاءٍ وَلا زَرْعٍ، وَلَمْ تَكُنْ فَيْئًا لأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلا مَسْرَحًا وَلا مَوْضِعَ مَقْبَرَةٍ وَلا مَوْضِعَ مُحْتَطَبِهِمْ وَلَا مَوضِع مرعى دوايهم وَأَغْنَامِهِمْ، وَلَيْسَتْ بِمِلْكٍ لأَحَدٍ وَلا فِي يَدِ أَحَدٍ فَهِيَ مَوَاتٌ؛ فَمَنْ أَحْيَاهَا أَوْ أَحْيَا مِنْهَا شَيْئًا فَهِيَ لَهُ. وَلَكَ أَنْ تُقْطِعَ ذَلِكَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَرَأَيْتَ وَتُؤَاجِرَهُ وَتَعْمَلَ فِيهِ بِمَا تَرَى أَنَّهُ صَلاحٌ. وَكُلُّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ يَقُولُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهَل لَهُ إِذَا أَجَازَهُ الإِمَامُ، وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَلَيْسَتْ لَهُ، وَلِلإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيَصْنَعَ فِيهَا مَا رأى من الْإِجَازَة وَالإِقْطَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قِيلَ لأَبِي يُوسُفَ: مَا يَنْبَغِي لأَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ هَذَا إِلا مِنْ شَيْءٍ لأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّه قَالَ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ"؛ فَبَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ الشَّيْءَ فَإنَّا نرجو أَنْ تَكُونَ قَدْ سَمِعْتَ مِنْهُ فِي هَذَا شَيْئًا يُحْتَجُّ بِهِ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: حُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: الإِحْيَاءُ لَا يَكُونُ إِلا بِإِذْنِ الإِمَام. أَرَأَيْت رجلَيْنِ أَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَخْتَارَ مَوْضِعًا وَاحِدًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنَعَ صَاحِبَهُ، أَيُّهُمَا أَحَقُّ بِهِ؟ أَرَأَيْتَ إِنْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُحْيِيَ أَرْضًا مَيْتَةً بِفِنَاءِ رَجُلٍ وَهُوَ مقرّ أَن لَا حق لَهُ فيِهَا فَقَالَ: لَا تُحْيِهَا فَإِنَّهَا بِفِنَائِي؛ وَذَلِكَ يَضُرُّنِي. فَإِنَّمَا جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذْنَ الْإِمَامِ فِي ذَلِك هَهُنَا فَصْلا بَيْنَ النَّاسِ؛ فَإِذَا أَذِنَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ لإِنْسَانٍ كَانَ لَهُ أَن يُحْيِيهَا، وَكَانَ ذَلِكَ الإِذْنُ جَائِزًا مُسْتَقِيمًا.
وَإِذَا مَنَعَ الإِمَامُ أَحَدًا كَانَ ذَلِكَ الْمَنْعُ جَائِزًا، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ النَّاسِ التَّشَاحُّ فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ وَلا الضِّرَارُ فِيهِ مَعَ إِذْنِ الإِمَامِ وَمَنْعِهِ.
وَلَيْسَ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَرُدُّ الأَثَرَ إِنَّمَا رَدُّ الأَثَرِ أَنْ يَقُولَ: إِن أَحْيَانًا بِإِذْنِ الإِمَامِ فَلَيْسَتْ لَهُ؛ فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ هِيَ لَهُ فَهَذَا اتِّبَاعُ الأَثَرِ وَلَكِنْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِيَكُونَ إِذْنُهُ فَصْلا فِيمَا بَيْنَهُمْ
1 / 76