Al-Kharaj
الخراج
Editor
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Penerbit
المكتبة الأزهرية للتراث
Edisi
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Tahun Penerbitan
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
Wilayah-wilayah
•Iraq
Empayar
Khalifah di Iraq
من سيرة خَامِس الْخُلَفَاء الرَّاشِدين:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا بِالْمَدِينَةِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ جَعَلْتُ إِلَيْهِ نَظَرًا لَا أَصْرِفُ نَظَرِي عَنْهُ تَعَجُّبًا؛ فَقَالَ: يَا ابْنَ كَعْبٍ إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرًا مَا كُنْتَ تَنْظُرُهُ إِلَيَّ قَبْلُ. قَالَ قُلْتُ: تَعَجُّبًا قَالَ: وَمَا عَجَبُكَ؟ قَالَ قُلْتُ: مَا حَالَ مِنْ لَوْنِكَ، وَنَحَلَ مِنْ جِسْمِكَ، وَعَفَا مِنْ شَعْرِكَ، قَالَ: فَكَيْفَ لَو رَأَيْتنِي بعد ثَلَاث، وَقد دُلِّيتُ فِي حُفْرَتِي، وَسَالَتْ حَدَقَتَايَ عَلَى وَجْنَتَيَّ، وَسَالَ مِنَخَرايَ صَدِيدًا وَدَمًا؛ لَكُنْتَ لِي أَشَدَّ نُكْرَةً!
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: لَمْ تَكُنْ هِمَّةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلا رَدُّ الْمَظَالِمِ وَالْقَسْمُ فِي النَّاسِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَكَثَ شَهْرَيْنِ مُقْبِلا عَلَى بَثِّهِ وَحُزْنِهِ لِمَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ. ثُمَّ أَخَذَ فِي النَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَهْلِهَا، حَتَّى كَانَ هَمُّهُ بِالنَّاسِ أَشَدَّ مِنْ هَمِّهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، فَعَمِلَ بِذَلِك حَتَّى انْقَضَى أَجَلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَلَمَّا هَلَكَ جَاءَ الْفُقَهَاءُ إِلَى زَوْجَتِهِ يُعَزُّونَهَا وَيَذْكُرُونَ عِظَمَ الْمُصِيبَةِ الَّتِي أُصِيبَ بِهَا أَهْلُ الْإِسْلامِ لِمَوْتِهِ؛ فَقَالُوا لَهَا: أَخْبِرِينَا عَنْهُ، فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالرَّجُلِ أَهْلُهُ.
قَالَ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا كَانَ بِأَكْثَرِكُمْ صَلاةً وَلا صِيَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ عَبْدًا للَّهِ كَانَ أَشَدَّ خَوْفًا لِلَّهِ مِنْ عُمَرَ. كَانَ ﵀ قَدْ فَرَّغَ بَدَنَهُ وَنَفْسَهُ لِلنَّاسِ؛ فَكَانَ يَقْعُدُ لِحَوَائِجِهِمْ يَوْمَهُ فَإِذَا أَمْسَى -وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ حَوَائِجِهِمْ- وَصَلَهُ بِلَيْلَتِهِ؛ فَأَمْسَى يَوْمًا وَقَدْ فَرَغَ مِنْ حَوَائِجِهِمْ فَدَعَا بِمِصْبَاحٍ قَدْ كَانَ يَسْتَصْبِحُ بِهِ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْعَى وَاضِعًا يَدَهُ تَحْتَ ذَقْنِهِ تَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَرِقَ الْفَجْرُ فَأَصْبَحَ صَائِمًا.
فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لشَيْء مَا كَانَ مِنْكَ مَا رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: أَجَلْ، إِنِّي قَدْ وَجَدْتُنِي وُلِّيتُ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَسْوَدِهَا وَأَحْمَرِهَا فَذَكَرْتُ الْغَرِيبَ الْقَانِعَ الضَّائِعَ، وَالْفَقِيرَ الْمُحْتَاجَ، وَالأَسِيرَ الْمَقْهُورَ وَأَشْبَاهَهُمْ فِي أَطْرَافِ الأَرْضِ؛ فَعَلِمْتُ أَن الله تَعَالَى ساءلني عَنْهُمْ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ حَجِيجِي فِيهِمْ؛ فَخِفْتُ أَنْ لَا يَثْبُتَ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرٌ، وَلا يَقُومُ لِي مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ حُجَّةً، فَخِفْتُ عَلَى نَفْسِي.
1 / 26