228

Al-Kharaj

الخراج

Penyiasat

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Penerbit

المكتبة الأزهرية للتراث

Nombor Edisi

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Tahun Penerbitan

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: "مَا رَأَيْتِ مَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ؟ "، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اذْهَبْ فَانْحَرْ هَدْيَكَ وَاحْلِقْ وَأَحِلَّ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيَحِلُّونَ، قَالَ: فَفَعَلَ، فَنَحَرَ النَّاسُ وَحَلَقُوا وَأَحَلُّوا ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مُسْلِمًا، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمَا، وَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لأَبِي جَنْدَلٍ؛ فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى انْتَهَيَا بِهِ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَقَالَ لأَحَدِهِمَا: أَصَارِمٌ سَيْفُكَ هَذَا يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْتَرَطَهُ ثُمَّ عَلاهُ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَخَرَجَ صَاحِبُهُ هَارِبًا، وَأَقْبَلَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: قَدْ وَفَّيْتُ ذِمَّتَكَ وَأَدَّى اللَّهُ عَنْكَ، وَقَدِ امْتَنَعْتُ بِدِينِي أَنْ يفتنوني، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " وَيْلُ أُمِّهِ مِحَشُّ حَرْبٍ١ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ"٢.
فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى نَزَلَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَأْتِيهِ فَيَنْضَمَّ إِلَيْهِ حَتَّى صَارَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلا، وَكَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى تُجَّارِ قُرَيْشٍ وَعَلَى غَيْرِهِمْ، حَتَّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُوهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَقْبَلَهُمْ فَلا حَاجَةَ لَهُمْ فِيهِمْ، فَقَبِلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ هَاجَرَتِ النِّسَاءُ فِي هَذِهِ الْهُدْنَةِ وَحَكَمَ اللَّهُ فِيهِمْ، وَأَنْزَلَ: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] الآيَةَ. فَأُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوا الأَصْدِقَةَ٣ على أَزوَاجهنَّ.
فَلم تزل الْهُدْنَةُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَ بَنِي كَعْب وَبني بَكْرٍ قِتَالٌ؛ فَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ مِمَّنْ دَخَلَ مَعَ قُرَيْشٍ فِي صُلْحِهَا وَمُوَادَعَتِهَا، فَأَمَدَّتْ قُرَيْشٌ بَنِي بكر بسلاح وَطَعَام وظلت عَلَيْهِمْ حَتَّى ظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى بَنِي كَعْبٍ وَقَتَلُوا فِيهِمْ؛ فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ تنقضوا.
فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ: اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ؛ فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَان وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَةٍ"؛ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ ﵁ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ، الأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ أَتَى عُمَرَ ﵁؛ فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لأَبِي بكر، فَقَالَ لَهُ عمر: أَنْقُضُكُمْ، فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلَاهُ الله، وَمَا

١ هُوَ الَّذِي يثيرها ويهيجها.
٢ أَي يَسْتَعِين بهم.
٣ أَي مَا دفعوه من المهور.

1 / 230