الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن
الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن
Genre-genre
التَّاسِعُ:
التَّصريحُ بأنَّهُ تعالى في السَّماءِ
قالَ اللهُ ﷾: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ *﴾ [الملك: ١٦ - ١٧].
والمرادُ بقولهِ ﷿: ﴿مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦]: اللهُ ﷿ (١)، لقولهِ ﷾: ﴿أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ [الإسراء: ٦٨]، ولقولهِ ﷿: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ *﴾ [النحل: ٤٥].
قالَ ابنُ القيِّم ﵀:
وَلَقَدْ أتَى فِي سُورَةِ المُلْكِ التِي ... تُنْجِي لِقَارِئِهَا مِنَ النِّيرَانِ
نَصَّانِ أنَّ الله فَوْقَ سَمَائِهِ ... عِنْدَ المُحرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ (٢)
وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ ﵀: وقولهُ: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *﴾ [الملك: ١٦]، منْ تَوَهَّم أنَّ مقتضى هذهِ الآيةِ أنْ يكونَ اللهُ في داخلِ السَّمواتِ فهو جاهلٌ بالاتِّفاقِ، وإنْ كنَّا إذا قلنَا: إنَّ الشَّمسَ والقمرَ في السَّماءِ يقتضي ذلكَ، فإنَّ حرفَ «في» متعلِّقٌ بما قبلهُ وما بعدهُ فهو بحسبِ المضافِ والمضافِ إليهِ.
فلو قالَ قائلٌ: العرشُ في السَّماءِ أمْ في الأرضِ؟ لقيلَ: في السَّماءِ. ولو قيلَ: الجنَّةُ في السَّماءِ أمْ في الأرضِ؟ لقيلِ: الجنَّةُ في السَّماءِ، ولا يلزمُ منْ ذلكَ أنْ يكونَ العرشُ داخلَ السَّمواتِ بلْ ولا الجنَّةِ.
_________
(١) انظر: تفسير الطبري (٢٩/ ٧)، طبعة دار الفكر - بيروت.
(٢) الكافية الشافية (ص١٤٠).
1 / 19