العقل في خدمتها (^١). ولاشك بأن هذا السبب مقبول ومنطقي، لكنه لا يصح أن يفرد وحده، لأنه قد يكون سببًا في الحيرة وسببًا في المناظرة أيضًا.
القول التاسع: رغبة الأشعري بالجمع بين الفقه والكلام.
عزا بعض الباحثين سبب رجوع الأشعري إلى رغبته بأن يجمع بين الفقهاء والمحدثين، وبين أهل الكلام، رغبة منه في جمع الكلمة بعد اشتداد العداوة بين أهل الحديث وأهل الكلام، فقاده فكره إلى التحول عن الاعتزال مع استفادته منهم في بعض المسائل، وانضمامه لأهل الحديث. قال جلال موسى: الأشعري كان رجلًا ألْمعيًا ذا نظر ثاقب ورأي، رأى أن الفقهاء والمحدثين قصروا همتهم على التفقه في الدين بدلائله وحججه من التفسير والحديث والإجماع والقياس، ورأى المتكلمين قصروا همتهم على الدفاع عن الدين ضد غوائل أعدائه، مستخدمين نفس أسلحتهم من الجدل والمنطق وتحكيم العقل وطرح النص جانبًا، وكان العداء بين الفريقين شديدًا، فساءل الأشعري نفسه: - وما الذي يمنع أن يكون المرء فقيهًا متكلمًا ويجمع بين الأمرين وهو ليس جمعًا بين متناقضين؟ وكما رأى المعتزلة تجعل العقل رائدًا والحنابلة تجعل النص رائدًا، فساءل نفسه: وهل
(^١) انظر أبو الحسن وآراؤه الكلامية في اللمع ص ٢١.