Ihkam Dalam Prinsip-Prinsip Hukum

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
134

Ihkam Dalam Prinsip-Prinsip Hukum

الإحكام في أصول الأحكام

Penerbit

المكتب الإسلامي

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٠٢ هـ

Lokasi Penerbit

(دمشق - بيروت)

Genre-genre

Usul Fiqh
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ إِحَالَةِ طَلَبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِي نَفْسِ الطَّالِبِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَصَوَّرًا فِي نَفْسِ الطَّالِبِ لَمَا عُلِمَ إِحَالَتُهُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِصِفَةِ الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاللَّازِمُ مُمْتَنِعٌ، وَإِنْ سُلِّمَ دَلَالَةُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِلَّا أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَوُقُوعِهِ شَرْعًا، وَبَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لِنُوحٍ: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ غَيْرُ (١) مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُكَلَّفِينَ بِتَصْدِيقِهِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ تَكْلِيفُهُمْ بِأَنْ لَا يُصَدِّقُوهُ تَصْدِيقًا (٢) لَهُ فِي خَبَرِهِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَ أَبَا لَهَبٍ بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ ﵇ فِي أَخْبَارِهِ. وَمِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ ﵇ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ لَا يُصَدِّقُهُ لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ بِذَلِكَ، فَقَدْ كَلَّفَهُ بِتَصْدِيقِهِ فِي إِخْبَارِهِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ لَهُ وَفِي ذَلِكَ تَكْلِيفُهُ بِتَصْدِيقِهِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ، وَهُوَ تَكْلِيفٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. قُلْنَا: أَمَّا الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ فَمُنْدَفِعٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْمَعْلُومَ الْمُتَصَوَّرَ الْمَحْكُومَ بِنَفْيِهِ عَنِ الضِّدَّيْنِ إِنَّمَا هُوَ الْجَمْعُ الْمَعْلُومُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مُتَضَادَّةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِهِ مَنْفِيًّا عَنِ الضِّدَّيْنِ تَصَوُّرُهُ ثَابِتًا لَهُمَا، وَهُوَ دَقِيقٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُعَارَضَةِ، فَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَ الْإِخْبَارِ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ فِي الْآيَتَيْنِ مُطْلَقًا. أَمَّا فِي قِصَّةِ أَبِي لَهَبٍ فَغَايَةُ مَا وَرَدَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِخْبَارِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِلنَّبِيِّ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ تَعْذِيبُ الْمُؤْمِنِ، وَبِتَقْدِيرِ امْتِنَاعِ ذَلِكَ أَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إِيمَانِهِ. وَكَذَلِكَ التَّأْوِيلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ أَيْ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ هِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يُدْلِ عَلَى الْإِخْبَارِ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ ﵇ فِيمَا أَخْبَرَ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهِمْ بِتَكْذِيبِهِ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ نُفَاةُ التَّكْلِيفِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ.

(١) كَلِمَةُ (غَيْرُ) زَائِدَةٌ. (٢) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَقَعَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ: تَكْلِيفُهُمْ.

1 / 136