15

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Penyiasat

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1419 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fikah
Fiqh Shafie
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - تَقْلِيدًا لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى صِدْقِهِ؛ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ لَا يُسْأَلُ عَنْ دَلِيلٍ فِيهِ، وَهَذِهِ صِفَةُ التَّقْلِيدِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْأَحْكَامِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا اجْتِهَادًا أَمْ لَا؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فَضِيلَةٌ تَقْتَضِي الثَّوَابَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ َ - مَمْنُوعًا مِنْهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا يُشَرِّعُ الْأَحْكَامَ بِوَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ أَمْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣، ٤] .
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ لِأَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي الْأَحْكَامِ أَمْ يَلْزَمُهُمْ سُؤَالُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمُ الِاجْتِهَادُ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: يَجُوزُ لَهُمُ الِاجْتِهَادُ لِقَوْلِهِ ﷺ َ - لمعاذ: " بما تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ ".
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لَهُمُ الِاجْتِهَادُ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ، وَالنَّصُّ مُمْكِنٌ فِي عَصْرِهِ بِسُؤَالِهِ.
والمذهب الثالث: يجوز لمن بعد، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ، لِإِمْكَانِ السُّؤَالِ عَلَى مَنْ قَرُبَ، وَتَعَذُّرِهِ عَلَى مَنْ بَعُدَ.
فصل: الصنف الثاني
وأما الصِّنْفُ الثَّانِي وَهُمُ الْمُخْبِرُونَ عَنْهُ فَتَقْلِيدُهُمْ فِيمَا أخبروا به ورووه عنه واجب إن كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ لَا يَقُولُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ: إِنِّي لَا أَقْبَلُ إِلَّا خَبَرَ اثْنَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِرَسُولِ الله ﷺ َ -، لِأَنَّهُ ﵇ لَمْ يَعْمَلْ عَلَى خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي سَهْوِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى سَأَلَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄، وَلَمْ يَعْمَلْ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَبَرِ الْمُغِيرَةِ فِي إِعْطَاءِ الْجَدَّةِ السُّدُسَ حَتَّى أَخْبَرَهُ مُحَمَّدُ بن سلمة. وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ عَمِلَتْ عَلَى خَبَرِ عَائِشَةَ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَعَمِلَ عُمَرُ عَلَى خَبَرِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْعُدُولِ عَنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ دَلِيلٌ عَلَى الْعُدُولِ عَنْ خَبَرِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ إِلَّا بَعْدَ ثبوت.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا عُلِمَ إِسْلَامُهُ جَازَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ، وَقَبُولُ شَهَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ عَنْ عَدَالَتِهِ، لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَقَالَ: " أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا

1 / 22