Al-Hakim Al-Jushami and His Approach in Interpretation
الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير
Penerbit
مؤسسة الرسالة
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
ولعل أهم مسألة تتصل بباب الوعيد هي الشفاعة التي طعن بها المرجئة على المعتزلة قولهم بدوام عقاب الفاسق، وقد عرّف الحاكم الشفاعة بأنها «مسألة الطالب الحاجة لغيره» قال: «وهي على وجهين: عفو عن ذنب، وتبليغ منزلة أجلّ من منزلته» ولا خلاف عند المعتزلة أن النبي ﷺ يسفع لأمته على هذين الوجهين، ولكنهم إنما يثبتونها للتائبين من المؤمنين وأصحاب الصغائر، وعند المرجئة أنها للفساق من أهل الصلاة. قال القاضي:
إن المشفوع إليه إذا أجاب الشفيع يكون مكرما له، فكما تقبح الشفاعة لمن قتل ولد الغير وترصد للآخر حتى يقتله، تقبح الشفاعة للفاسق الذي مات على الفسق ولم يتب
«١»
. قال الحاكم في قوله تعالى:
(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ؟) «٢» إن الآية تدل على أنه ﷺ لا يشفع لمن في النار، فيبطل قول المرجئة في الشفاعة. وتدل على أنه تعالى لا يخلف الوعد والوعيد.
وقال في قولة تعالى: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) «٣» إن الآية تدل على أن أهل النار لا ناصر لهم، فلو كان يشفع النبي ﷺ لكان ذلك أعظم نصرة. قال: «فيبطل قول المرجئة في الشفاعة لأهل الكبائر».
ولمح الحاكم هذا المعنى أيضا فى قوله تعالى: «وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ
(١) انظر شرح الأصول للقاضي، ص ٦٨٨. (٢) الآية ١٩ سورة الزمر، ورقة ١٠/ ظ. (٣) الآية ٤١ سورة الدخان، ورقة ٤٥/ و.
1 / 190