الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَظْنُونًا، وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ إِتِّبَاعُ الْإِمَامِ فِي مَسَائِلِ التَّحَرِّي لَمَا تَأْتِي فَصْلَ الْخُصُومَاتِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ، وَلَاسْتَمْسَكَ كُلُّ خَصْمٍ بِمَذْهَبِهِ وَمَطْلَبِهِ، وَبَقِيَ الْخُصَمَاءُ فِي مَجَالِ خِلَافِ الْفُقَهَاءِ مُرْتَبِكِينَ فِي خُصُومَاتٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَمُعْظَمُ حُكُومَاتِ الْعِبَادِ فِي مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ.
قَدْ نَجُزَ مِقْدَارُ غَرَضِنَا مِنْ نَصْبِ الْقِتَالِ عَلَى الْمَارِقِينَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الْإِمَامِ.
[الْعُقُوبَاتُ الَّتِي يُقِيمُهَا عَلَى آحَادِ النَّاسِ]
٣١٩ - فَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ الَّتِي يُقِيمُهَا عَلَى آحَادِ النَّاسِ فَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ.
فَأَمَّا الْحُدُودُ فَاسْتِقْصَاءُ الْقَوْلِ فِي مُقْتَضَيَاتِهَا، وَتَفَاصِيلُ الْمَذَاهِبِ فِي كَيْفِيَّاتِهَا، وَإِقَامَاتِهَا فِي أَوْقَاتِهَا، وَسَبِيلُ إِثْبَاتِهَا، وَذِكْرُ مُسْقِطَاتِهَا مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَهِيَ بِجُمْلَتِهَا مُفَوَّضَةٌ إِلَى الْأَئِمَّةِ، وَالَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْأُمُورَ مِنْ جِهَتِهِمْ.
وَالْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ. فَإِنْ كَانَ خَالِصَ حَقِّ الْآدَمِيِّ ; فَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّيهِ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ الرَّفْعِ إِلَى السُّلْطَانِ.