مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاجْتِمَاعٍ، كَالْأَذَانِ وَعَقْدِ الْجَمَاعَاتِ فِيمَا عَدَا الْجُمُعَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ.
فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِشُهُودِ جَمْعٍ كَبِيرٍ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَغْفَلَ عَنْهُ، فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا كَثُرُوا عَظُمَ الزِّحَامُ، وَجَمَعَ الْمَجْمَعُ أَخْيَافًا ; وَأَلَّفَ أَصْنَافًا، خِيفَ فِي مُزْدَحَمِ الْقَوْمِ أُمُورٌ مَحْذُورَةٌ.
فَإِذَا كَانَ مِنْهُمْ ذُو نَجْدَةٍ وَبَأْسٍ، يَكُفُّ عَادِيَةً إِنْ هَمَّ بِهَا مُعْتَدُونَ كَانَ الْجَمْعُ مَحْرُوسًا، وَدَرَأَتْ هَيْبَةُ الْوَالِي ظُنُونًا وَحُدُوسًا، وَلِذَلِكَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ أَبَا بَكْرٍ ﵁ عَلَى الْحَجِيجِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ تِلْكَ السُّنَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَلَمْ يَخْلُ حَجٌّ عَنْ إِمَامٍ، أَوْ مُسْتَنَابٍ مِنْ جِهَةِ إِمَامٍ، وَلِذَلِكَ صَدَّرَ الْخُلَفَاءُ مَيَاسِيرَ الْأُمَرَاءِ، وَذَوِي الْأَلْوِيَةِ بِإِقَامَةِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهَا تَجْمَعُ الْجَمَاعَاتِ، وَهِيَ إِنْ لَمْ تُصَنْ عُرْضَةُ الْفِتَنِ وَالْآفَاتِ.