32

Al-Fatawa - Muhammad Al-Amin Al-Shanqiti

الفتاوى - محمد الأمين الشنقيطي

Penyiasat

سليمان بن عبد الله العمير

Penerbit

دار عطاءات العلم (الرياض)

Nombor Edisi

الخامسة

Tahun Penerbitan

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lokasi Penerbit

دار ابن حزم (بيروت)

Genre-genre

رأيت في الآيات الماضية أنت من حِكَم خلق الخلق أمرهم بعبادة الله، وابتلاؤهم أيهم أحسن عملًا، ومعلوم أن الأمر والنهي لا تتم الحكمة فيهما إلَّا بجزاء المحسنين بالإحسان، والمسيئين بالإساءة. ولذلك بيَّن تعالى في آيات كثيرة أن من حِكَم خلقه تعالى للخلائق جزاء المحسنين منهم بإحسانه، والمسيء منهم بإساءته، كقوله تعالى في النجم: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)﴾. فقوله تعالى في هذه الآية: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: هو خالقهما وما فيهما، ثم بيَّن الحكمة فقال: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا﴾ الآية. ويزيد ذلك إيضاحًا قوله تعالى في أول يونس: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٤)﴾، والكفار الذين ظنّوا أن خلق السموات والأرض وما فيهما لا لتكليف وحساب وجزاء، هدَّدهم بالويل من النار بسبب هذا الظن السيء المقتضي تجرد خلقه للخلائق عن حكمة التكليف والحساب والجزاء، وذلك في قوله في ص: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾. وقد نزه نفسه تعالى عن أن يكون خلق الخلق إلا لبعث وجزاء، وأنكر على من ظن ذلك إنكارًا شديدًا في آخر سورة الفلاح (^١)، قال منكرًا ذلك

= كتابه دفع إيهام الاضطراب عند كلامه على آية: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ من سورة هود. فلعل ذلك في كتب أو رسائل أخرى للشيخ. (^١) هي سورة "المؤمنون". وانظر هذه التسمية في التحرير والتنوير: ٩/ ٥ لابن عاشور. وورد تسميتها أيضًا بـ "قد أفلح"، كما في كتاب الجامع من العتبية في=

1 / 11