Al-Durar Al-Bahiyah: What is Necessary for the Responsible in Islamic Sciences

Al-Bakri al-Dumyati d. 1310 AH

Al-Durar Al-Bahiyah: What is Necessary for the Responsible in Islamic Sciences

الدرر البهية فيما يلزم المكلف من العلوم الشرعية

Penerbit

مكتبه اشاعت الإسلام

Lokasi Penerbit

دهلی

Genre-genre

Fiqh Shafie

الدرر البهية

فيما يلزم المكلف من العلوم الشرعية


جمع العلامة الكبير، والأستاذ الشهير

السيد أبي بكر بن محمد شطا الشافعي

غفر الله له، ونفع بمؤلفاته آمين


مكتبه اشاعت الاسلام

١٢٥، سنت نگر، ني دهلي. ٢٥ (الهند

1

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ للهِ حَقَّ حَمْدِهِ، وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ، عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

(أَمَّا بَعْدُ) فَلَا خَفَاءَ عَلَى ذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ، وَفِكْرٍ مُسْتَقِيمٍ، أَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ لا ينكر ، وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ لَا يُحْصَرُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ). وَقَالَ تَعَالَى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ) وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ). وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَشْفَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْعُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَا: بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ تَعَلَّمُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ.

2

تطوعا. وقال إمامنا الشافعي رضي الله عنه: الاشتغال بالعلم أفضل من صلاة النافلة، وقال: ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم.

(واعلم) أن أجل العلوم قدراً، وأعظمها ذخراً علم الفقه، المستنبط من الكتاب والسنة، الكافل لمن قام به على وجهه بدخول الجنة، لما فيه من النفع العام، ويميز الحلال من الحرام. قال سفيان بن عيينة رضي الله عنه: لم يبق حديث البعثة شيئاً أفضل من العلم والفقه. فنسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويفتح علينا فتوح العارفين، بمحمد خير الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين.

فصل: من علامات الإيمان اليقين والتصديق

جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: إذا أراد الله بعبده خيراً، سلك في قلبه اليقين والتصديق، وإذا أراد به شراً، سلك في قلبه الريبة. قال الله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا) وقد اتفق أهل السنة على أن

3

المؤمن الذي يُحكم عليه بأنه من أهل القبلة ولا يُخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقاداً جازماً، خالياً من الشك، ونطق بالشهادتين.وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، قال فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، ثم انطلق الرجل السائل، فقال

4

النبي ﷺ ياعمر : أتدري من السائل؟ قال الله ورسوله أعلم، فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، قال العلماء الذين هم ورثة الأنبياء: من آمن بالإيمان والإسلام جميعًا فهو مؤمن كامل، ومن تركهما جميعًا فهو كافر كامل، ومن ترك الإسلام وحده فهو مؤمن ناقص، ومن ترك الإيمان وحده فهو منافق. ومعنى الإيمان بالله: اعتقاد أنه واحد لا نظير له في ذاته وصفاته وأفعاله، ولا شريك له في الألوهية، ومعنى الإيمان بالملائكة اعتقاد أنهم مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، صادقون فيما أخبروا به. ومعنى الإيمان بالكتب: اعتقاد أنها كلام الله الأزلي القائم بذاته، المنزه عن الحروف والأصوات، وأن كل ما تضمنته حق، وأن الله تعالى أنزلها على بعض رسله بألفاظ حادثة. ومعنى الإيمان بالرسل اعتقاد أن الله أرسلهم إلى الخلق، ونزههم عن كل عيب ونقص، فهم معصومون قبل النبوة وبعدها. ومعنى الإيمان باليوم الآخر، وهو من الموت إلى آخر ما يقع يوم القيامة: اعتقاد وجوده، واعتقاد ما اشتمل

5

عَلَيْهِ مِنْ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، وَنَعِيمِ الْقَبْرِ أَوْ عَذَابِهِ، وَالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمَعْنَى الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ: اعْتِقَادُ أَنَّ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، وَمَا لَمْ يُقَدِّرْهُ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ. وَاعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ، وَأَنَّ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ

فصل: فيما يجب لمولانا جل وعز وما يستحيل وما يجوز

يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ شَرْعًا أَنْ يَعْرِفَ مَا يَجِبُ فِي حَقِّ مَوْلَانَا جَلَّ وَعَزَّ، وَمَا يَسْتَحِيلُ، وَمَا يَجُوزُ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ عَقِيدَةً. الْوَاجِبُ مِنْهَا عِشْرُونَ، وَالْمُسْتَحِيلُ عِشْرُونَ، وَالْجَائِزُ وَاحِدٌ فَأَوَّلُهَا: الْوُجُودُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْعَدَمُ. وَالثَّانِي: الْقِدَمُ. وَمَعْنَاهُ لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ، وَالثَّالِثُ: الْبَقَاءُ، وَمَعْنَاهُ الَّذِي لَا آخِرَ لِوُجُودِهِ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ، وَالرَّابِعُ: مُخَالَفَتُهُ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْمُمَاثَلَةُ. وَالْخَامِسُ قِيَامُهُ تَعَالَى بِالنَّفْسِ، وَمَعْنَاهُ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ إِلَى ذَاتٍ يَقُومُ بِهَا، وَعَدَمُ احْتِيَاجِهِ إِلَى مُوجِدٍ يُوجِدُهُ، وَيَسْتَحِيلُ

6

عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ . وَالسَّادِسُ: الْوَحْدَانِيَّةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ التَّعَدُّدُ .وَالسَّابِعُ: الْقُدْرَةُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْعَجْزُ. وَالثَّامِنُ: الإِرَادَةُ. وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْكَرَاهَةُ. وَالتَّاسِعُ: الْعِلْمُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ. وَالْعَاشِرُ: الْحَيَاةُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ.وَالْحَادِي عَشَرَ: السَّمْعُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الصَّمَمُ. وَالثَّانِي عَشَرَ: الْبَصَرُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْعَمَى. وَالثَّالِثُ عَشَرَ: الْكَلَامُ، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْبَكَمُ.وَالرَّابِعُ عَشَرَ: كَوْنُهُ قَادِرًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ عَاجِزًا. وَالْخَامِسُ عَشَرَ: كَوْنُهُ مُرِيدًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُكْرَهًا. وَالسَّادِسُ عَشَرَ: كَوْنُهُ عَالِمًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ جَاهِلًا.وَالسَّابِعُ عَشَرَ: كَوْنُهُ حَيًّا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مَيِّتًا. وَالثَّامِنُ عَشَرَ: كَوْنُهُ سَمِيعًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ أَصَمَّ. وَالتَّاسِعُ عَشَرَ: كَوْنُهُ بَصِيرًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ أَعْمَى.وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهُ مُتَكَلِّمًا، وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ أَبْكَمَ. فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ: عِشْرُونَ وَاجِبَةٌ، وَعِشْرُونَ مُسْتَحِيلَةٌ.

7

والواحد والأربعون: الجائز في حقه تعالى. وهو فعل كل ممكن أو تركه وجب عليه أن يعرف أدلة العقائد المذكورة، ولو إجمالا بأن يستدل على كل صفة بوجود المخلوقات كخلق الأرض والسماوات. ويجب عليه أيضا أن يعرف ما يجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يستحيل وما يجوز، وجملة ذلك تسع. فالواجب: الصدق، والأمانة والتبليغ والفطانة. والمستحيل: الكذب والخيانة، وكتمان شيئ مما أمروا بتبليغه، والسلادة. والجائز في حقهم ما هو من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية كالأكل والشرب والجاع والمرض الخفيف، فهم عليهم الصلاة والسلام. أكل الناس عقلا وعلما، بعثهم الله وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة، فبلغوا أمره ونهيه، ووعده ووعيده. ويجب عليه أيضا أن يعرف الرسل المذكورين في القرآن تفصيلا، وهم الخمسة والعشرين، وأما غيرهم فيجب عليه أن يعرفهم إجمالا. ويجب عليه أيضا أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى بعث النبي الأمي العربي

8

القرشي الهاشمي سيدنا محمد ﷺ برسالته إلى كافة الخلق العرب والعجم والملائكة والإنس والجن والجمادات، وأن شريعته نسخت الشرائع المتقدمة. وأن الله فضله على سائر المخلوقات، ومنع صحة التوحيد بقول: لا إله إلا الله، إلا إن أضاف الناطق إليه: محمد رسول الله، وألزم سبحانه وتعالى الخلق تصديقه في كل ما أخبر به عن الله من أمور الدنيا والآخرة. ويجب عليه أيضًا أن يعرف أن النبي ﷺ ولد بمكة وبعث بها، وهاجر إلى المدينة، وتوفي فيها، ودفن فيها، وأنه ﷺ أبيض اللون مشرب بحمرة، وأنه أكمل الناس خلقًا وخلقًا. ويجب عليه أيضًا أن يعرف نسبه ﷺ من جهة أبيه وأمه. فأما نسبه ﷺ من جهة أبيه، فهو: سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأما نسبه ﷺ من جهة أمه، فهو: سيدنا محمد بن آمنة.

9

بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. وكذلك يجب عليه أن يعرف أولاده ﷺ، وهم سبعة: ثلاثة ذكور، وأربع إناث. وترتيبهم في الولادة: القاسم، وهو أول أولاده ﷺ، ثم زينب، ثم رقية، ثم فاطمة، ثم أم كلثوم، ثم عبد الله، وهو الملقب بالطاهر وبالطيب، وكلهم من سيدتنا خديجة، رضي الله عنها. والسابع إبراهيم، وهو من مارية القبطية.

(فائدة) زوجات النبي ﷺ، اللاتي توفي عنهن تسع. الأولى: عائشة، والثانية: حفصة، والثالثة: سودة، والرابعة: صفية، والخامسة: ميمونة، والسادسة: رملة، والسابعة: هند، والثامنة: زينب، والتاسعة: جويرية. وهن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن أجمعين.

فصل: فيما يجب على المكلف أداؤه أو تركه

يجب على كل مكلف أداء جميع ما أوجبه الله عليه، ويجب عليه أن يؤديه على ما أمره الله به من الإتيان بأركانه، وشروطه، وتجنب

10

مبطلاته، وإلا كان باطلا، ويجب عليه حين تكليفه العزم الجازم على فعل كل واجب قدر عليه، وترك كل محرم.

فصل: في الأحكام الشرعية

الدين ما شرعه الله لنا من الأحكام. وهي: الواجب، والحرام، والسنة، والمكروه، والمباح، والباطل، والصحيح. وأمور الدين أربعة. أحدها: الصدق بالقصد، ومعناه العبادة بالنية والإخلاص. ثانيها: صحة العقد. ومعناه أن يعتقد أن الله واحد، وأنه متصف بكل كمال، منزه عن كل نقصان. ثالثها: الوفاء بالعهد، ومعناه أن يؤدي الفرائض في وقتها. رابعها: اجتناب الحد، ومعناه أن يجتنب محارم الله تعالى.

فصل: في الطهارة

لا يصح رفع الحدث، ولا إزالة النجس، إلا بماء مطلق، وهو أن يكون طاهرا في نفسه، مطهرا لغيره، وهو غير المتنجس وغير المستعمل، وغير المتغير تغيرا كثيرا بخليط طاهر يستغني الماء عنه. والمتنجس وهو

11

ما وقعت فيه نجاسة غير معفو عنها وتغير إن كان الماء كثيرا بأن بلغ قلتين فأكثر أو وإن لم يتغير إن كان قليلا، أي دون القلتين، والمستعمل هو ما رفع حدثا أو أزال خبثا وكان قليلا. والمتغير تغيرا كثيرا بما ذكر هو الذي يمتنع إطلاق اسم الماء عليه بحيث يحدث له اسم آخر كالمرقة.

فصل : في قضاء الحاجة

يستحب لقاضي الحاجة بولا أو غائطا أن يلبس نعليه، ويستر رأسه، ويعد الماء أو الأحجار، ويقدم يساره عند الدخول لقائلا: بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، ويقدم يمناه عند الخروج قائلا: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، وأن لا يستقبل القبلة، ويحرم في الصحراء إذا انتقت الشروط المقررة، ولا يتكلم إلا لضرورة، ولا يرفع ثوبه دفعة واحدة بل شيئا فشيئا، حتى يقرب من الأرض، ولا ينظر إلى السماء، ولا إلى فرجه، ولا إلى ما يخرج منه، ولا يعبث، وأن يسبل ثوبه قبل انتصابه.

12

فصل : في الاستنجاء

يجب الاستنجاء من كل رطب نجس، خارج من القبل أو الدبر بالماء أو الحجر، أو ما يقوم مقامه من كل جامد طاهر قالع غير محترم، والأفضل أن يستنجي بالأحجار، ثم يتبعها بالماء، فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل.

فصل : في الوضوء

وله شروط وفروض وسنن ومكروهات ونواقض، ((فشروطه عشرة: الإسلام، والتمييز، والنقاء عن الحيض، والنفاس، وعما يمنع وصول الماء إلى البشرة، وأن لا يكون على العضو ما يغير الماء كزعفران، والعلم بفرضيته، وأن لا يعتقد فرضاً من فروضه سنة، ودخول الوقت، والموالاة بالنسبة لدائم الحدث، والماء الطهور.

(وفروضه ستة) الأول: النية، ويجب أن تكون مقترنة بأول جزء يغسله من الوجه، ومحلها القلب. وكيفيتها أن يقول بقلبه نويت رفع

13

الحدث، أو فرض الوضوء، أو نحو ذلك. الثاني: غسل الوجه طولا وعرضا. الثالث: غسل اليدين مع المرفقين. الرابع: مسح شيء من الرأس. الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين. السادس: الترتيب، ومعناه أن يقدم غسل الوجه على اليدين، وغسلهما على مسح الرأس، وهو على غسل الرجلين (وسننه) كثيرة، منها: استقبال القبلة، والسواك، والتسمية أوله، فغسل الكفين، فمضمضة، فاستنشاق، ومسح كل الرأس والأذنين، ودلك وتخليل لحمة كثة، وتيامن وولاء (ومكروهاته): الإسراف في الماء، وغسل باطن العين، وتقديم الشمال على اليمين، والزيادة على الثلاث، والنقص عنها. (ونواقضه أربعة) الأول: الخارج من أحد السبيلين من القبل أو الدبر ريح أو غيره إلا المني الثاني: روال العقل بنوم، أو غيره إلا نوم ممكن مقعده من الأرض. الثالث: التقاء بشرتى رجل وامرأة كبيرين أجنبيين من غير حائل. الرابع: مس قبل الآدمي، أو حلقة دبره ببطن الكف أو بطون الأصابع.

14

فصل : في المسح على الخفين

وله شروط وسنن ومبطلات. فشروطه ثلاثة: أن يبتدىء لبسهما بعد كمال الطهارة، وأن يكونا ساترين لمحل غسل الفرض، وأن يكونا مما يمكن تتابع المشي عليهما (وسننه): أن يكون مسحه خطوطا، وأن يضع يده اليسرى تحت العقب، واليمنى على ظهر الأصابع، ثم يمر اليسرى إلى أطراف الأصابع، واليمنى إلى آخر ساقه (ومبطلاته ثلاثة) انخلاعه، وانقضاء المدة، وعروض ما يوجب الغسل، ويمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وابتداء المدة من آخر حدث صدر منه بعد لبس الخفين.

فصل : في التيمم

وله أسباب وشروط وفروض وسنن ومبطلات، فأسبابه ثلاثة: فقد الماء، والمرض، والاحتياج إليه لعطش حيوان محترم. وشروطه عشرة: أن يكون تراب، وأن يكون طاهرا، وأن لا يكون مستعملا، وأن

15

لا يخالطه دقيق ونحوه، وأن يقصده، وأن يمسح وجهه ويديه بضربتين، وأن يزيل النجاسة أولا، وأن يجتهد في القبلة، وأن يكون يتيمم بعد دخول الوقت، وأن يتيمم لكل فريضة. وفروضه خمسة: الأول: نقل التراب. الثاني: نية الاستباحة لنحو الصلاة، ومحلها عند نقل التراب، ويجب استدامتها إلى مسح شيء من الوجه. الثالث: مسح الوجه. الرابع: مسح اليدين مع المرفقين. الخامس: الترتيب بين المسحتين. وسننه: التسمية أوله، والتيامن وتخفيف الغبار، ومبطلاته ثلاثة: الأول: ما أبطل الوضوء. الثاني: الردة. الثالث: زوال العذر.

فصل: في الغسل

موجبه ستة الأول: إيلاج الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج. الثاني: خروج المني باحتلام أو غيره. الثالث: الحيض. الرابع: النفاس. الخامس: الولادة. السادس: الموت، وفروضه اثنان: الأول: النية. الثاني: تعميم جميع البدن بالماء، وسننه كثيرة. منها: الوضوء كاملا قبله.

96

والابتداء بالشق الأيمن من بدنه، والدلك والتثليث، واستقبال القبلة ومكروهانه نحو الإسراف في الماء.

فصل: فيما يسن له الغسل

يسن الغسل لحضور الجمعة والعيدين والكسوف والخسوف والاستسقاء وللإحرام، ولدخول مكة والمدينة، وللوقوف بعرفة وللطواف، وللكافر إذا أسلم، ولغاسل الميت، وبعد نحو الحجامة وإفاقة من نحو جنون.

فصل: فيما يحرم على المحدث

يحرم بالحدث الأصغر: الصلاة، والطواف، ومس شيء من القرآن وحمله. ويزيد عليه من به حدث أكبر: المكث في المسجد، وقراءة القرآن بقصده. وتزيد الحائض والنفساء حرمة الصوم، والمرور في المسجد إن خافت تلويثه والاستمتاع بما بين السرة والركبة.

فصل: في الحيض

وهو الدم الخرج من قبل المرأة في صحتها بلا سبب وأقل سنه تسع سنين.

17

تقريباً، وأقل مدته يوم وليلة، وأكثرها خمسة عشر يوماً بلياليها وغالبها ستة أو سبعة أيام بلياليها، فإن نقص الدم عن أقل المدة، أو زاد على أكثرها فهو دم فساد، وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً ولا حد لأكثره.

فصل: في النفاس

وهو الدم الخارج من قبل المرأة عقب الولادة، وأقل مدته لحظة، وغالبها أربعون يوماً، وأكثرها ستون، وما زاد عليها فدم فساد.

فصل: في بيان النجاسة وإزالتها

الحيوانات كلها طاهرة إلا الكلب والخنزير، وما تولد منهما، أو من أحدهما، والميتة كلها نجسة إلا الآدمي، والسمك والجراد، وكل ما خرج من السبيلين نجس إلا المني والريح والحصى إن لم ينعقد من البول، والنجاسة ثلاثة أقسام: مخففة، ومغلظة، ومتوسطة، فالمخففة: بول الصبي الذي لم يطعم غير اللبن، ولم يبلغ الحولين، ويطهر محلها برش الماء عليه، والمغلظة: نجاسة الكلب والخنزير وفرع أحدهما، ولا يظهر عليها إلا بغسله

18

سَبْعَ مَرَّاتٍ. إحداهن: ممزوجة بالتراب الطهور. والمتوَسّطة: بقية النجاسات، ويطهر محلها بجريان الماء عليه مرة واحدة، ومحل الاكتفاء بما ذكر في الثلاثة الأقسام إن لم يكن للنجاسة جرم ولا طعم ولا لون ولا ريح، وهي المسماة بالحكمية، فإن كان لها ذلك، وتُسَمي بالعينية فلا تطهر، بما ذكر إلا بعد زوال الجرم أو الوصف، فإن تعذر زوال الجرم أو الريح عفى عنه، ويعفى عن النجاسة التي لا يراها البصر المعتدل، ويعفى عن دم نفسه، وإن استحال قَيْحًا قليلاً كان أو كثيرًا لا الدم الخارج من المنافذ كالعين، والأنف والأذنين، والخارج بفعله والمجاوز عنه، فإنه يعفى عن قليله دون كثيره، والخارج من معدن النجاسة كالمثانة، ومحل الغائط فلا يعفى عنه أصلاً، ومثله المختلط بأجنبي، ودم الكلب والخنزير ويعفى عن قليل دم غيره، ولو استحال قَيْحًا، ويعفى عن كثير دم نحو البراغيث والقمل والبعوض ما لم يكن بفعله. فإن كان بفعله عفي عن قليله فقط. والمرجع في القلة والكثرة اتعرف فما عده العرف قليلا فهو قليل.

19

وما عده العرف كثيرا فهو كثير. ولا يطهر شىء من نجس العين إلا جلود الميتة إذا أندبغت. والخمر إذا أنقلبت خلا بنفسها. فإن طرح فيها شىء قبل تخللها ولو طاهرا وبقي فيها حتى تخللت لم تطهر.

فصل: في بيان أوقات الصلوات الخمس

وقت الظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شىء مثله غير ظل الإستواء. ووقت العصر من بعد وقت الظهر إلى غروب الشمس. ووقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر. ووقت العشاء من مغيب الشفق إلى طلوع الفجر الثاني. ووقت الصبح من الفجر إلى طلوع الشمس.

فصل: في بيان الأوقات التي تكره الصلاة فيها

وخمسة أوقات تحرم، ولا تصح فيها النافلة التي لا سبب لها متقدم أو مقارن في غير مكة: بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر إلى الإصفرار، وعند طاوعها حتى ترتفع كرمح، وعند الإصفرار حتى يكمل غروبها، وعند استوائها حتى تزول، إلا في يوم الجمعة.

30