ومعنى إجراء الحسنات عليه، كتابة ما كان يعمله في الصحة، مما منعته منه الحمى، كما ورد تفسيره في أحاديث آخر صريحًا.
وكان النبي ﷺ إذا عاد من به الحمى قال له: "طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ".
يعني أنها تطهير من الذنوب والخطايا.
ففي "صحيح البخاري" (١) عن ابن عباس "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ، قَالَ: «لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَدخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: «لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ الأعرابي: قُلْتُ طَهُورٌ؟ بَلْ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَنَعَمْ إِذًا».
يعني أنه لم يقبل الطهارة، بل ردها، وأخبر عن حُمَّاه بما أخبره به عن نفسه، فحصل له ما اختاره لنفسه، دونه ما رده.
وقد خرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (٢) من حديث شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ: "جَاءَ شَيْخٌ أَعْرَابِيٍّ إِلَى النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَيْخٍ كَبِيرٍ، وَحُمَّى تَفُورُ، فِي عِظَامِ شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ» فَقَالَهَا ثلاَثًا، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ: «بَلْ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ». فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الثَّالِثَةِ: «فَنَعَمْ إِذًا، إِنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى عَلَى عَبْدٍ قَضَاءً، لَمْ يَكُنْ لِقَضَائِهِ مَرَدٌّ».
وفي "مسند الإمام أحمد" (٣) عن أنس "أَنَّ النَّبِيُّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ -وَهُوَ مَحْمُومٌ- فَقَالَ: "كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ"، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: بَلْ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَتَرَكَهُ".
وقال هشام عن الحسن: كانوا يرجون في حُمَّى ليلة، كفارة لما مضى من الذنوب.