314

Al-Bināyah fī Sharḥ al-Hidāyah

البناية في شرح الهداية

Editor

أيمن صالح شعبان

Penerbit

دار الكتب العلمية - بيروت

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1420 AH

Lokasi Penerbit

لبنان

Genre-genre

Fikah
Fiqh Hanafi
وحرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي لكرامته
ــ
[البناية]
هذا الباب - غير تحقيق لأنه إنما يلزم ما ذكره إذا جزم بعود الضمير إلى المضاف، وقد قلنا: إنه يجوز الأمران، والتحقيق في هذا الباب أن يكون التقدير في الضمير - فإن كل واحد من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رجس أي نجس - فيكون هذا تعليلا لقوله: محرما، فبين بذلك أن هذه الأشياء حرام لأنها نجسة، لأنه لو لم يذكر ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥] لما كان يلزم من صدر الكلام النجاسة لهذه الأشياء؛ لأن الحرمة لا تستلزم النجاسة.
فإن قلت: فعلى هذا يلزم اقتصار النجاسة في الخنزير على لحمه.
قلت: الأمر كذلك فإنه قال: ﴿عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] والطعم لا يكون إلا في اللحم دون غيره وهو المطلوب.
فإن قلت: فعلى هذا يجوز استعمال جلده بالدباغ واستعمال شعره.
قلت: أما جلده فقد اختلف فيه، هل قبل الدباغ أم لا، فقد قال بعضهم: إنه يقبل، فعلى هذا يطهر بالدباغ، وهو مذهب الليث وداود ورواية عن أبي يوسف ﵀ وقال بعضهم: إنه لا يقبل، فعلى هذا لا يطهر بالدباغ، وقد ذكرنا هذا فيما مضى عن قريب.
وأما شعره فإنه جزء ما هو نجس بعينه، وللجزء حكم الكل غير أن محمدا أباح الانتفاع به للخرازين والأساكفة للضرورة لأن في تنجيسه حرجا.
وقوله: لأن نجاسة لحمه عرفت بالنص من قَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٥] (الأنعام: الآية ١٤٥) ليس كذلك لأن بالنص ما عرف إلا حرمة لحمه، ونجاسته عرفت من الضمير الراجع إلى كل واحد من الأشياء الثلاثة قررناه فافهم، فإنه موضع دقيق.
وقوله - لأن حرمة الشيء مع صلاحيته للغذاء لا لكرامته آية النجاسة - ينتقض بلحم الفرس لأنه حرام عند أبي حنيفة ومالك - رحمهما الله - مع صلاحيته للغذاء مع أنه غير نجس.
فإن قلت: حرمته للكرامة. قلت: لا نسلم ذلك، وإنما حرمته لكون أكله سببا لقتله لأنه آلة الجهاد، ولأن الله تعالى امتن علينا بكونه مركوبا ولم يمتن بكونه مأكولا مع أن نعمة الأكل فوق نعمة الركوب.
[الانتفاع بأجزاء الآدمي]
م: (وحرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي لكرامته) ش: يتعلق بقوله: أو الآدمي، والمعنى بخلاف جلد الخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ لنجاسة عينه، ولجد الآدمي لكرامته؛ لأن الله تعالى كرمه، وفي استعمال جلده ابتذال له، هكذا قرره الشيخ الأكمل. وأنا أقول: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: لما خرج جلد الآدمي عن حكم الدباغ بقوله: إلا جلد الآدمي كان ينبغي أن يجوز الانتفاع ببقية أجزائه مثل شعره وعظمه وعصبه وغير ذلك، فأجاب عن ذلك بقوله:

1 / 418