البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
Genre-genre
والمراد بالمدة الزمان ، وبالمادة موضوع الحادث إن كان عرضا ، وهيولاه إن كان صورة ، ومتعلقه إن كان نفسا. وقد تفسر المادة بالهيولى وحدها.
والبرهان على هذه الدعوى أن كل حادث ممكن ، فإمكانه سابق عليه ، وهو عرض لا بد له من محل ، وليس المعدوم ؛ لانتفائه ، فهو ثبوتي هو المادة ؛ ولأن كل حادث يسبقه عدمه سبقا لا يجامعه المتأخر ، فالسبق بالزمان ، وهو يستدعي ثبوته.
وهذان الدليلان باطلان ؛ لأنهما يلزم منهما التسلسل ؛ لأن المادة ممكنة حادثة ؛ إذ لا قديم سوى الله تعالى ، كما تقدم ، فمحل إمكانها مغاير لها ، فتكون لها مادة أخرى ، وننقل الكلام إليها حتى يتسلسل.
على أنا قد بينا أن الإمكان عدمي ؛ لأنه لو كان ثبوتيا لكان ممكنا ، فيكون له إمكان ، ويلزم التسلسل. والزمان تتقدم أجزاؤه بعضها على بعض هذا النوع من التقدم ، فيكون للزمان زمان فيتسلسل ، هذا خلف.
وأجابوا أيضا عن الأول : بأن الإمكان لفظ مشترك بين ما يقابل الامتناع وهو صفة عقلية يوصف بها كل ما عدا الواجب والممتنع من المتصورات ، ولا يلزم من اتصاف الماهية بها كونها مادية وبين الاستعداد ، وهو موجود معدود في نوع من جنس الكيف ، وإذا كان موجودا وعرضا وغير باق بعد الخروج إلى الفعل ، فيحتاج لا محالة قبل الخروج إلى محل ، وهو المادة.
وعن الثاني : أن القبلية والبعدية تلحقان الزمان لذاته ، فلا يفتقر إلى زمان آخر (1).
ورد الأول : بأن ذلك العرض حادث ، فيتوقف على استعداد له ، ويعود البحث في التسلسل.
والثاني : بأن الأجزاء لو كانت متقدمة بعضها على بعض لذاتها وتتأخر كذلك ، كانت أجزاء الزمان مختلفة بالحقيقة ، فكان الزمان مركبا من الآنات ، وهو عندكم
Halaman 179