الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين

Ahmad Mahmoud Al-Shawabkeh d. Unknown
86

الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين

الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين

Penerbit

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م

Lokasi Penerbit

عمان

Genre-genre

فلمَّا كان ذِكْرُ الوقت أهمَّ وجب تقديمه. وقدّم ظرف الزَّمان (إذ) المتعلِّق بالفعل (ظنَّ) على الفعل (سَمِعَ) للغرض نفسه، وهو الاهتمام بإنكار حديث الإفك من أوَّل زَمَنِ سَمَاعِهِ. وأسند فعل الظَّنِّ إلى المؤمنين، فقال: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وَعَدَلَ عن إسناده إلى الضَّمير، فلم يقل (ظننتم) على مقتضى الظَّاهر مع أنَّه أوجز، وهذا يعرف في علم المعاني بالالتفات، ووجه حسن الالتفات أنَّه عَدَلَ عن الضَّمير إلى الظَّاهر ليكون أبلغ في التَّعنيف والتَّنديم، وليصرِّح بلفظ الإيمان الَّذي يشتركون به، والمقتضي أن لا يصدِّق مؤمنٌ على مؤمنٍ شيئًا من الإفك والبهتان إلّا ببيِّنة وبرهان. وقوله: ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ يفهم منه كذلك أنَّ هذا الكلام إنْ كانوا لا يرضونه لأنفسهم، فأمّ المؤمنين أولى بالبراءَة منه، وبأَنْ يظنُّوا بها عفافًا كظنِّهم بأنفسهم. وقوله: ﴿وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)﴾ استئناف غرضه حضُّ المؤمنين إلى المبادرة إلى تكذيب حديث الإفك، فالظَّنُّ الواجب للمؤمن أَمَام أَبْيَنِ الكَذِبِ هذا أن يُسَارِعَ إلى تكذيب قائله، فهو كَذِبٌ ظاهر لا يليق بما عليه أمِّ المؤمنين ﵂ من الإيمان الوازع عن مثل هذا البهتان، فأمّ المؤمنين ليست كأحد من النِّساء في الشَّرف والمنزلة، كما قال تعالى: ﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ (٣٢)﴾ [الأحزاب] فشرف المنزلة مَانِعٌ عن مثل هذا الإفك، فهي قدوة حسنة كسائر أمَّهات المؤمنين، ومن يُقْتَدَى به لا يُصدَّق عليه هذا الكذب. وكان مِنَ الصَّحابة ﵃ مَنْ سَمِعَه فسكت، ومنهم مَنْ تكلَّم متعجبًا مِنْ

1 / 86