Al-Andalus: From Conquest to Fall
الأندلس من الفتح إلى السقوط
Genre-genre
السبب في عدم غزو ملك قشتالة لغرناطة
السبب في عقد فرناندو الثالث معاهدة مع ابن الأحمر أمير غرناطة، ولم يحتلها كما احتل المدن الأخرى هو ما يلي: الأمر الأول: في الواقع أن غرناطة في ذلك الوقت كان فيها كثافة سكانية عالية جدًا، تستعصي على جيوش النصارى أن يدخلوها، فقد كانت تسقط المدينة من بلاد الأندلس على يد النصارى، الذين كانوا ينهجون نهجًا واحدًا إما القتل وإما التشريد والطرد من البلاد، فكان كلما طُرد المسلمون من بلادهم اتجهوا إلى الجنوب الشرقي من البلاد، فتجمع كل أهل الأندلس المسلمين في منطقة غرناطة في الجنوب الشرقي من البلاد، فأصبح فيها كثافة ضخمة جدًا، لا تستطيع قوات النصارى أن تدخل إلى هذه المناطق الكثيفة.
الأمر الثاني: الحصون المنيعة، فقد كان فيها حصون كثيرة جدًا كانت تحيط بمنطقة غرناطة وألمرية وملقة.
الأمر الثالث: أن مدينة غرناطة في الجنوب الشرقي للأندلس كانت تقع على البحر الأبيض المتوسط بالقرب من بلاد المغرب العربي، وقد قامت في بلاد المغرب العربي نواة دولة إسلامية جديدة هي دولة بني مرين، وكانت دولة سنية تقوم على التقوى، وكانت تساعد من حين إلى آخر بلاد غرناطة، ولذلك استطاعت بلاد غرناطة أن تقف على أقدامها ولو قليلًا في مواجهة فرناندو الثالث ومن معه من النصارى في مملكة قشتالة، لذلك وافق فرناندو الثالث على هذه المعاهدة، لكنها كانت معاهدة مخزية جدًا؛ لأن ملك غرناطة كان يدفع فيها الجزية، ويحارب مع ملك قشتالة، ويقضي معه العهود ألا يحاربه يومًا من الأيام، ومع كون هذه المعاهدة تقوم على أساس التعاون والتصالح بين الفريقين، إلا أنه بين كل عام وآخر كان فرناندو الثالث وغيره من ملوك النصارى يخونون العهد دائمًا مع ابن الأحمر، ويحتلون بعض المدن منه، فيحاول ابن الأحمر أن يرد تلك البلاد فلا يُفلح؛ فيعاهدهم من جديد على أن يترك لهم حصنًا أو حصنين أو مدينة أو مدينتين ويتركوه حاكمًا على البلاد يحكم باسمهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذًا: غرناطة لم تؤسس على التقوى، بل أسسها ابن الأحمر على شفا جرف هار معتمدًا على صليبي لا عهد له ولا أمانة، قال تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة:١٠٠].
12 / 4