Al-Andalus: From Conquest to Fall

Ragheb El-Sergany d. Unknown
117

Al-Andalus: From Conquest to Fall

الأندلس من الفتح إلى السقوط

Genre-genre

آثار ونتائج موقعة الأرك كانت لموقعة الأرك آثار عظيمة ونتائج كثيرة: أولًا: النصر المادي: أقل تقدير لقتلى الصليبيين في اليوم الأول للأرك كان ثلاثين ألف مقاتل، لكن المسلمين بعد موقعة الأرك تبعوا جيش النصارى، ذكر في نفح الطيب للمقري وفي وفيات الأعيان لـ ابن خلكان أن عدد قتلى الصليبيين وصل إلى (١٤٦) ألف قتيل من أصل (٢٢٥) ألف مقاتل، وعدد الأسرى ما بين عشرين إلى ثلاثين ألف أسير، وقد منَّ عليهم المنصور بغير فداء إظهارًا لعظمة الإسلام ورأفته بهم، وعدم اكتراثه بقوة الصليبيين. أما الغنائم فلا تحصى؛ فقد بلغ عدد الخيول كما جاء في نفح الطيب ثمانين ألفًا من الخيول، ومائة ألف من البغال وما لا يحصى من الخيام، وقد وزع المنصور كل هذه الغنائم الضخمة وكل هذه الأموال التي حصدت من جيش الصليبيين على الجيش أربعة أخماس، واستغل الخمس الباقي في بناء مسجد كبير جدًا في إشبيلية تخليدًا لذكرى الأرك، وأنشأ له مئذنة طويلة يبلغ طولها (٢٠٠) متر، وكانت من أعظم المآذن في الأندلس في ذلك الوقت، ولما سقطت إشبيلية بعد ذلك في يد النصارى تحول المسجد إلى كنيسة، وهو موجود إلى الآن كنيسة في يد الصليبيين ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثانيًا: النصر المعنوي الكبير جدًا، وعلو نجم الموحدين، وارتفعت بشدة معنويات الأندلسيين، وهانت عليهم قوة الصليبيين، وارتفعت معنويات المسلمين في كل بلاد العالم الإسلامي، حتى أعتقت الرقاب الكثيرة في المشرق والمغرب فرحًا بهذا الانتصار، وارتفعت معنويات الموحدين حتى فكروا بجدية في عهد المنصور الموحدي في ضم كل بلاد المسلمين تحت راية واحدة، وبالذات أن المعاصر لـ أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي في المشرق هو صلاح الدين الأيوبي ﵀، لكن لم يرد الله ﷾ لهذا الأمر أن يتم، فمات المنصور الموحدي قبل أن يكتمل حلمه في توحيد المسلمين جميعًا تحت راية واحدة. ثالثًا: حدثت صراعات شتى بين ليون ونافار من ناحية، وبين قشتالة من ناحية أخرى ألقى عليهم ألفونسو الثامن مسئولية الهزيمة، وحدثت لهم هزيمة نفسية كبيرة جدًا، فأتت السفارات من بلاد أوروبا تطلب العهد والاتفاق مع المنصور الموحدي ﵀، ومن أشهرها سفارة إنجلترا التي أتت المنصور الموحدي في أواخر أيامه، واستمرت حركة الفتوح وفتح المسلمون بعض الحصون الأخرى، وضموا الشمال الشرقي من جديد للمسلمين كما كان في عهد المرابطين، وحاصروا طليطلة سنوات عديدة، لكن كما ذكرنا من قبل كانت طليطلة من أحصن المدن الأندلسية فلم تفتح. رابعًا: تمت معاهدة جديدة بين قشتالة وبين المسلمين على أن تكون الهدنة بينهما عشر سنوات من سنة (٥٩٥هـ) إلى سنة (٦٠٥هـ) فلا اقتتال فيها، فحاول المنصور أن يرتب الأمور من جديد في بلاد الموحدين. إذًا: تأسست دولة الموحدين في سنة (٥٤١هـ)، لكن الدعوة إليها بدأت في سنة (٥١٢هـ)، واستمر عهد القوة فيها من سنة (٥٤١هـ) في ارتفاع متتال إلى أن جاء المنصور الموحدي فكان عصره العصر الذهبي لدولة الموحدين من سنة (٥٨٠هـ) إلى سنة (٥٩٥هـ).

11 / 8