الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية
الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية
Penerbit
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت
Lokasi Penerbit
لبنان
Genre-genre
ـ[الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية]ـ
المؤلف: أبو مصعب محمد صبحي بن حسن حلاق
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت-لبنان
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
Halaman tidak diketahui
المقدمات:
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة السادسة:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فإن من تحقيق الاتباع التمسك بالكتاب والسنة، والتحاكم إليهما عند النزاع، والإيمان بما جاء به الرسول ﷺ، وأن النبي ﷺ ما ترك شيئًا يقرب إلى الله، ويباعد عن النار إلا أرشد أمته عليه، ولا شيئًا يباعد عن الله ويقرب من النار إلا حذر منه.
وما صنفه المصنف ﵀ في "متن الدرر البهية في المسائل الفقهية"، من تجريد لمسائل الفقه التي دل عليها الدليل الصحيح إلا من باب تقديم الفقه الإسلامي بسهولة ويسر للاتباع والسير على المحجة النيرة، التي توصل إلى رضوان الله سبحانه.
وما كنت أتوقع أن ينال هذا الكتاب: "الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية" من القبول -وهذا من فضل ربي ﷾ لينتهج في المعاهد الدينية بين المراجع التربوية.
لذا فإنني أقدم لدار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/ لبنان-كما سبق أن قدمت لها ما
1 / 5
عندي من تصويبات واستدراكات عند شرائها لهذا الكتاب شراء قطعيًّا- كل ما تمتاز به هذه الطبعة بالذات من ضبط، وتنقيح، ومراجعة على المخطوط، مع زيادة بعض الشروحات والتعليقات؛ تسهيلًا للقراء الكرام، وتغنية للمكتبة الإسلامية؛ لما تحمله من الإضافات المعتبرة والمفيدة من أحكام فقهية، وتعريفات ضرورية، وترجيحات هامة.
وعليه، فإنني ودار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/ بيروت - لبنان بما تملكه من حقوق المالك بملكه أدبيًّا وماديًّا ومعنويًّا لهذا الكتاب، وبمراحله المتعددة نعتبر أن كافة الطبعات السابقة بأشكالها المختلفة خاصةً التي لا تحمل اسم دار الفكر عليها هي غير شرعية.
اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهك خالصة، ولا تجعل فيها شركًا لأحد.
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
صنعاء في ٤ ربيع الثاني ١٤٢٣هـ - ١٥ حزيران ٢٠٠٢م
1 / 6
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثالثة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فإنني لم أتوقع يوم ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب أن تنفد نسخها في هذه المدة اليسيرة، وأن تجد ما وجدته من القبول في مختلف البلاد، والأفراد على اختلاف مستوياتهم العلمية، واتجاهاتهم الفكرية ...
ولا غرو في ذلك؛ لأن الشباب المسلم اليوم صار يبحث عن الدليل لكل مسألة أو قضية من القضايا ... كما حرص على سهولة الأسلوب، وبساطة العبارة، ووضوح الكلام ... وكذلك نفر من التعقيد والغموض التي تشتمل عليها بعض كتب الفقه.
كما وجد الشباب المسلم بغيته المنشودة، وغايته المقصودة، في هذا الكتاب الذي يشتمل على جميع أبواب الفقه الإسلامي، مقرونة بالدليل ومعروضة بسهولة ويسر، دون التقليد لمذهب من المذاهب بل خضوعًا للدليل الصحيح، واتباعًا للقول الراجح، من غير تعصب لطائفة على طائفة، بل أوافق كل طائفة على ما عندها من الحق، وأخالفها إذا جانفت الصواب، هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم، وحسن الظن بهم، وأن الخطأ الذي وقع فيه إمام منهم ما كان عن سوء نية ولا قبح طوية، واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه ...
وما أروع ما قاله أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي في كتاب "جامع بيان العلم وفضله": "٢/ ١٧٢-١٧٣": "فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء، فجعله عونًا له على اجتهاده، ومفتاحًا لطرائق النظر، وتفسيرًا لجمل السنن المحتملة للمعاني؛ ولم يقلد أحدًا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها، واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر،
1 / 7
وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل كما لم يبرئوا أنفسهم منه، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه ﷺ وهدي صحابته ﵃، ومن أعف نفسه من النظر وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى وأضل سبيلًا" ا. هـ.
وكذلك وفر الكتاب على الشباب المسلم الوقت والجهد، والمتاعب النفسية، وفتح أمامهم آفاقًا واسعة، وأخذ بأيديهم إلى الصواب. رغم ما في الكتاب من أخطاء مطبعة كثيرة بلغت قرابة ٢٠٠ خطأ، حتى الغلاف لم يسلم من الخطأ في اسم الكتاب من "الأدلة الرضية" إلى "الأدلة الرصينة". وزاد الطين بلة -كما يقولون- إنهم نسبوا الكتاب إلى الإمام الشوكاني، والناظر في مؤلفات الشوكاني المطبوعة والمخطوطة لم يجد هذا العنوان، فما أدري ما السبب في هذا الفعل؟!!
كما فوجئت بعد فترة وجيزة بأن الكتاب في الأسواق وعليه "دار الندى" ببيروت، بدون إذن من المؤلف أو الناشر، وإذا هو صورة عن الطبعة الأولى سوى تغيير اسم الكتاب من الخطأ إلى الصواب والباقي كما هو، فتعجبت من هذا الفعل، وكم تمنيت لو أخبرت لقمت بتقديم التصويبات والاستدراكات ولكن قدر الله وما شاء فعل ...
ثم تقدمت "دار الفكر" ببيروت لشراء الكتاب شراءً قطعيًّا؛ لتقوم بطبعه الطبعة الثالثة. وتم لها ذلك ... فعندها قدمت ما عندي من تصويبات واستدراكات، رغبة في إخراج هذا الكتاب النافع والمطلوب من جميع الشباب المسلم على اختلاف أعمارهم، خاليًا من كل خطأ ...
فأرجو الله العلي القدير أن يسدد خطانا على الحق، وأن يلهمنا الرشد وأن يرزقنا الإخلاص، وأن يجعل ما كتبناه في ميزان حسناتي يوم العرض إنه سميع مجيب.
المؤلف
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
الموافق في ٤/ صفر/ ١٤١٤هـ ٢٣ تموز / ١٩٣٩م
1 / 8
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى والثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠- ٧١] .
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
بعد: فإن كتاب "الدرر البهية في المسائل الفقهية من خير كتب الفقه اللامذهبي شكلًا ومضمونًا، فهو على صغر حجمه قد اشتمل على جميع أبواب الفقه، ومعظم أحكامه، ومسائله في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، وغيرها، مع سهولة العبارة، وجمال اللفظ وحسن التركيب، إلى جانب ما امتاز به من تقسيمات موضوعية، تسهل على المتفقه في دين الله تعالى إدراكه واستحضاره.
ويمتاز هذا الكتاب بالقبول لدى طلاب العلم والعلماء قديمًا وحديثًا، فتجدهم مقبلين عليه درسًا وتعليمًا وحفظًا، وإيضاحًا وشرحًا، حتى إنه قرر على الصفين الأول والثاني معلمين ومعلمات في المعاهد العلمية، وكان فضل الله تعالى علي كبيرا؛ إذ وفقني إلى تدريس هذا الكتاب في الصفين المذكورين في معهد صنعاء العلمي.
ولما كان هذا المختصر على ذكر الأحكام الفقهية دون التعرض لأدلتها، وطلاب العلم اليوم ترتاح نفوسهم إلى أخذ الحكم الشرعي مؤيدًا بدليله، دون الخوض في الشروح والمطولات، رغبت أن أخدم دين الله ﷿، وأقدم للشباب المسلم على اختلاف مستوياتهم هذا الكتاب مدعمًا بالأدلة التي تجعلهم على بصيرة في دينهم، وتزيدهم يقينًا في شريعتهم واطمئنانا في عبادتهم، واستقامة في معاملاتهم. وكان عملي مقتصرا على ذكر الأدلة
1 / 9
من كتاب وسنة وقياس واضح وإجماع متيقن، واعتمدت الأدلة الراجحة في المسألة وأعرضت عن الأقوال المرجوحة، وأخذت على نفسي أن أرجع في هذه الأدلة إلى مراجعها الأصلية وخاصة كتب الحديث لأخذ النص منها، وأثبت رقم الجزء والصفحة وكذلك رقم الحديث إن وجد، وأذكر رتبة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين١.
وحتى لا يطول التخريج اقتصر على تخريج الحديث في الصحيحين أو في أحدهما، وإذا لم يكن فيهما أو في أحدهما أقتصر في تخريجه على السنن الأربعة، وإذا كان دليل المسألة حديثًا ضعيفًا، فأذكر أوله واسم راويه ورتبته فقط؛ رغبة في الاختصار، وتحصينًا للقارئ من الاغترار به، ومن رام تخريج الحديث والكلام عليه فعليه أن يرجع إلى كتابنا "إرشاد الأمة" أو إلى تحقيقنا لكتابِيْ "الروضة الندية" أو "الدراري المضية".
وأما الآيات فأذكر رقمها والسورة الموجودة فيها، ثم أذيل النص المستدل به بشرح غريب ألفاظه، بحيث يسهل فهمه ويستبين وجه الاستدلال به، كما تعرضت أحيانا لشرح بعض ألفاظ المتن وذكر بعض التعاريف إن احتاج الأمر. وأبقيت الأصل في أعالي الصفحة مشكولًا ومقسمًا إلى كتب وأبواب. وجعلت عملي في حواشٍ ذات أرقام أسافلها، وسميته: "الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية".
الله أسأل أن يوفقنا جميعا إلى العمل بكتابه وسنة نبيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه إنه سميع مجيب.
المؤلف
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
٤/ محرم/ ١٤١٠هـ - الموافق في: ٦/ آب/ ١٩٨٩م
_________
١ انظر الخاتمة: خطتي في تأليف الكتاب، الفقرة الثالثة "تخريج الأحاديث والآثار" من كتابنا "مدخل. إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة".
1 / 10
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
بقلم فضيلة الدكتور: عبد الوهاب بن لطف الديلمي
مدرس علوم القرآن في كلية الآداب بجامعة صنعاء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإن الاهتمام بالفقه الإسلامي -من حيث خدمته، وتقريبه لطلاب العلم بعد أن ضعفت الهمم وقلت الرغبة في طلبه، وكثر الزاهدون عنه، وحيل بينهم وبين معرفة مصطلحات أهل الفقه- لعمل جليل يشكر عليه صاحبه.
ولا شك أن تعزيز المسائل الفقهية بالأدلة الشرعية لأمر يحمل على الطمأنينة وانشراح الصدر حينما يعرف طالب العلم المصدر الذي اعتمد عليه الفقيه العالم فيما أورد من المسائل الفهقية، كما أنه يزود طالب العالم بحصيلة كبيرة من أدلة الأحكام الشرعية، ويكون عنده القدرة على الربط بين المسألة ودليلها، وهذا المنهج هو الذي سلكه كثير من أئمة العلم الذين جمعوا بين الحديث والفقه، وكان من أبرز هؤلاء الإمام "محمد بن علي الشوكاني" في كثير من مؤلفاته: كـ "نيل الأوطار ... " و"الدراري المضية"، إلا أنه أحيانًا يسلك مسلكًا لا ينتفع منه إلا من له باع واسع في معرفة الأحاديث النبوية الشريفة.
ولذلك اكتفى أخونا الأستاذ محمد صبحي حسن حلاق بخدمة "الدرر البهية" التي وضعها الإمام الشوكاني متنًا لكتابه "الدراري المضية" فأخذ يستخرج من أمهات الكتب الحديثة الأدلة على المسائل التي أوردها الإمام الشوكاني في "درره"، وقد لمست الجهد الذي بذله أخونا الأستاذ محمد صبحي ... فألفيته جهدًا ليس باليسير، وقد شرح منهجه في مقدمة الكتاب فأبان بذلك الطرق التي سلكها لخدمة هذا الكتاب؛ سواء من حيث جمع الأدلة، أو ما أضاف إلى ذلك من أمور أخرى: كالناحية اللغوية، وضبط الآيات والأحاديث، وعزو الآيات القرآنية إلى
1 / 11
مواطنها، إضافة إلى بيان درجة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين، وغير ذلك مما يلمسه القارئ.
ونسأل الله سبحانه أن يثيبه على حسن صنيعه هذا، كما نسأله سبحانه أن ينفع بهذا الجهد طلاب العلم، وأنصار سنة رسول الله ﷺ، وهو ولي النعمة والتوفيق، إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين.
د. عبد الوهاب بن لطف الديلمي
١٠/ شعبان/ ١٤١٠ - الموافق في: ٧/ مارس/ ١٩٩٠م
1 / 12
ترجمة الإمام الشوكاني:
المبحث الأول: نسبه وموطنه:
ترجم الشوكاني لنفسه فقال: "محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ثم الصنعاني"١.
أما الشوكاني: فهو نسبة إلى هجرة شوكان، وهي قرية من قرى الحامية إحدى قبائل خولان بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم٢.
وأما الصنعاني فنسبة إلى مدينة صنعاء التي استوطنها والده ونشأ فيها بعد ولادته في الهجرة٣.
_________
١ البدر الطالع: "٢/ ٢١٤".
٢ البدر الطالع: "١/ ٤٨٠.
٣ البدر الطالع: "٢/ ٢١٥.
1 / 13
المبحث الثاني: مولده ونشأته
يذكر الشوكاني في ترجمته لنفسه تاريخ مولده، نقلًا عن خط والده فيقول: "ولد حسبما وجد بخط والده في وسط نهار يوم الاثنين، الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة ١١٧٣هـ، ثلاثة وسبعين ومائة وألف١.
ولا مجال للاختلاف في تاريخ مولده بعد هذا النص منه ومن والده٢.
حفظ القرآن وجوده، وحفظ عددًا كبيرًا من المتون قبل أن يبدأ عهد الطلب، ولم تتعد سنه العاشرة من عمره، ثم اتصل بالمشايخ الكبار، وكان كثير الاشتغال بمطالعة التاريخ ومجامع الأدب٣.
وإذا عرفنا أنه تصدر للإفتاء وهو في سن العشرين عرفنا كيف كانت حياة هذا التلميذ الجاد الذي لم يسمح له أبوه بالاشتغال بغير العلم كما لم يسمح له أبوه بالانتقال من صنعاء٤.
وكانت دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو ثلاثة عشر درسًا:
منها: ما يأخذه عن مشايخه.
ومنها: ما يأخذه عنه تلامذته، واستمر على ذلك مدة....٥
وقد ذكر الشوكاني الكتب التي قرأها على العلماء الأفاضل قراءة تمحيص، وتحقيق وهي كثيرة في فنون متعددة، من الفقه وأصوله، والحديث، واللغة، والتفسير، والأدب والمنطق٦ ...
_________
١ البدر الطالع: "٢/ ٢١٤-٢١٥".
٢ مقدمة كتاب قطر الولي، للدكتور إبراهيم إبراهيم هلال "ص١٥".
٣ البدر الطالع: "٢/ ٢١٥".
٤ البدر الطالع: "٢/ ٢١٨-٢١٩".
٥ البدر الطالع: ٢/ ٢١٨".
٦ البدر الطالع: "٢/ ٢١٥-٢١٩".
1 / 14
المبحث الثالث: حياته العلمية
وقد ساعدته الثقافة الواسعة وذكاؤه الخارق، إلى جانب إتقانه للحديث وعلومه، والفقه وأصوله، على الاتجاه نحو الاجتهاد وخلع ربقة التقليد، وهو دون الثلاثين، وكان قبل ذلك على المذهب الزيدي، فصار علمًا من أعلام المجتهدين، وأكبر داعية إلى ترك التقليد، وأخذ الأحكام اجتهادًا من الكتاب والسنة، فهو بذلك يعد في طليعة المجددين في العصر الحديث، ومن الذين شاركوا في إيقاظ الأمة الإسلامية في هذا العصر.
وقد أحس بوطأة الجمود، وجناية التقليد الذي ران على الأمة الإسلامية من بعد القرن الرابع الهجري وأثره في زعزعة العقيدة، وشيوع البدع، والتعلق بالخرافات، وانصراف الناس من التعاليم الدينية وانكبابهم على الموبقات والمنكرات، مما جعله يشرع قلمه ولسانه في وجه الجمود والتقليد ويقف حياته على محاولة تغيير هذه الأوضاع الفاسدة، وتطهير تلك العقائد الباطلة ... ١
ويمكن أن نبين أبعاد هذه الحياة العلمية في ثلاث أهداف:
١- دعوته إلى الاجتهاد ونبذ التقليد.
٢- دعوته إلى العقيدة السلفية في بساطتها أيام الرسول الأعظم ﷺ وصحابته ﵃.
٣- دعوته إلى محاربة كل ما يخل بالعقيدة الإسلامية.
قلت: وعلى رأس أهدفه تحكيم شرع الله في جميع مجالات الحياة٢.
_________
١ الإمام الشوكاني مفسرًا للدكتور: محمد حسن بن أحمد الغماري "ص٦٢-٦٣" بتصرف.
٢ انظر: الدواء العاجل في دفع العدو الصائل، للشوكاني. بتحقيقنا.
المبحث الرابع: توليه القضاء في عام "١٢٠٩" من هجرة المصطفى ﷺ توفي كبير قضاة اليمن، القاضي يحيى بن صالح الشجري السحولي، وكان مرجع العامة والخاصة وعليه المعول في الرأي والأحكام ومستشار الإمام والوزارة١. قال الشوكاني٢: "وكنت إذ ذاك مشتغلًا بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منجمعًا عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائنًا من كان، ولم يكن لي رغبة في غير العلوم ... فلم أشعر إلا بطلاب لي من الخليفة بعد موت القاضي المذكور بنحو أسبوع، فعزمت _________ ٣ البدر الطالع: "٢/ ٣٣٤". ٤ البدر الطالع: "١/ ٤٦٤-٤٦٦".
المبحث الرابع: توليه القضاء في عام "١٢٠٩" من هجرة المصطفى ﷺ توفي كبير قضاة اليمن، القاضي يحيى بن صالح الشجري السحولي، وكان مرجع العامة والخاصة وعليه المعول في الرأي والأحكام ومستشار الإمام والوزارة١. قال الشوكاني٢: "وكنت إذ ذاك مشتغلًا بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منجمعًا عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائنًا من كان، ولم يكن لي رغبة في غير العلوم ... فلم أشعر إلا بطلاب لي من الخليفة بعد موت القاضي المذكور بنحو أسبوع، فعزمت _________ ٣ البدر الطالع: "٢/ ٣٣٤". ٤ البدر الطالع: "١/ ٤٦٤-٤٦٦".
1 / 15
إلى مقامه العالي، فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقام القاضي المذكور، فاعتذرت له بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم، فقال: القيام بالأمرين ممكن.
وليس المراد إلا القيام بفصل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالي في يومي اجتماع الحكام فيه، فقلت: سيقع مني الاستخارة لله والاستشارة لأهل الفضل، وما اختاره الله ففيه الخير، فلما فارقته ما زلت مترددًا نحو أسبوع، ولكنه وفد إلي غالب من ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاء وأجمعوا على أن الإجابة واجبة، وأنهم يخشون أن يدخل في هذا المنصب الذي إليه مرجع الأحكام الشرعية في جميع الأقطار اليمنية من لا يوثق بدينه وعلمه ... فقبلت مستعينًا بالله ومتكلًا عليه.. وأسأل الله بحوله وطوله أن يرشدني إلى مراضيه، ويحول بيني وبين معاصيه، وييسر لي الخير حيث كان، ويدفع عني الشر، ويقيمني في مقام العدل، ويختار لي ما فيه الخير في الدين والدنيا" اهـ.
قلت: وربما أن الشوكاني رأى في منصب القضاء فرصة لنشر السنة وإماتة البدعة، والدعوة إلى طريق السلف الصالح..
كما أن منصب القضاء سيصد عنه كثيرًا من التيارات المعادية له، ويسمح لأتباعه بنشر آرائه السديدة، وطريقته المستقيمة.
"والأئمة الثلاثة الذين تولى الشوكاني القضاء الأكبر لهم ولم يعزل حتى واتته المنية هم:
١- المنصور علي بن المهدي عباس، ولد سنة "١١٥١هـ" وتوفي سنة "١٢٢٤هـ" ومدة خلافته ٢٥ سنة.
٢- ابنه المتوكل علي بن أحمد بن المنصور علي، ولد سنة ١١٧٠هـ وتوفي سنة "١٢٣١هـ" ومدة خلافته نحو "٧" سنوات.
٣- المهدي عبد الله، ولد سنة "١٢٠٨هـ" وتوفي سنة "١٢٥١هـ" ومدة خلافته "٢٠" سنة١.
قلت: كان تولي الشوكاني القضاء كسبًا كبيرًا للحق والعدل، فقد أقام سوق العدالة بينا وأنصف المظلوم من الظالم، وأبعد الرشوة، وخفف من غلواء التعصب، ودعى الناس إلى اتباع القرآن والسنة، إلا أن هذا التعصب قد منعه من التحقيق العلمي يظهر ذلك إذا ما تتبع المرء مؤلفاته قبل توليه القضاء وبعده، يجد الفرق واضحًا.
_________
١ الإمام الشوكاني مفسرًا، للغماري "ص٧١" باختصار.
1 / 16
المبحث الخامس: مؤلفاته
١- الدراري المضية شرح الدرر البهية في المسائل الفقهية "١-٢" طبعة ثانية علق عليه وحققه، وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٢- وبل الغمام على شفاء الأوام "١-٢" حققه وعلق عليه، وخرج أحاديثه: محمد صبحي بن حسن حلاق.
٣- أدب الطلب، ومنتهى الأرب، علق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٤- السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار "١-٣" حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٥- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٦- در السحابة في مناقب القرابة والصحابة. حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٧- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، حققه وعلق عليه: محمد صبحي حسن حلاق.
٨- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
٩- تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
1 / 17
١٠- قطر الولي على حديث الولي، أو ولاية الله والطريق إليها، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
١١- نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار "١-١٦"، خرج أحاديثه، وعلق عليه، وحققه، ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق.
١٢- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير "١-١٠" خرج أحاديثه، وعلق عليه، وحققه: محمد صبحي حسن حلاق.
١٣- الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني "١-١٢" حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وضبط نصه: محمد صبحي حسن حلاق.
1 / 18
صور المخطوطة
...
1 / 19
الكتاب الأول: كتاب الطهارة
[الباب الأول]: باب [أقسام المياه]
الماء طاهر مطهر١، لا يخرجه عن الوصفين٢، إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات٣، وعن الثاني٤ ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة٥. ولا
_________
١ لا خلاف في ذلك، وقد نطق بذلك الكتاب: قال تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] . وبه أفصحت السنة.
أخرج البخاري "٢/ ٢٢٧- مع الفتح" ومسلم "٥/ ٩٦- بشرح النووي" وغيرهما، عن أبي هريرة ﵁ قال: كان رسول الله ﷺ إذا كبَّر في الصلاة سكت هنيَّةً قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟، قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".
وأخرج أبو داود "١/ ١٥٢-مع العون"، والترمذي "١/ ٢٢٤- مع التحفة"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه "١/ ١٣٦ رقم ٣٨٦" وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه "١/ ٦٧ رقم ٣٠٩" والنسائي "١/ ٥٠-رقم ٥٩"، وغيرهم. عن أبي هريرة ﵁ قال: سأل رجل رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر، فقال رسول الله ﷺ: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".
٢ أي عن وصف كونه طاهرًا وعن وصف كونه مطهرًا.
٣ بدليل الإجماع. قال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" ص٣٣ رقم "١٠" "وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت الماء طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، إنه نجس ما دام كذلك". ونقل الإجماع ابن الملقن في مختصر البدر المنير ص١٨، والمهدي في البحر"١/ ٣١" والنووي في المجموع "١/ ١١٠" وابن قدامة في المغني "١/ ٥٣".
٤ أي كونه مطهرًا.
٥ كالصابون، والعجين، والزعفران، أو غير ذلك من الأشياء الطاهرة التي يستغنى عنها عادة فيصبح الماء طاهرًا في نفسه غير مطهر لغيره.
1 / 23
فرق بين قليل وكثير١، وما فوق القلتين وما دونهما٢، ومستعمل وغير مستعمل٣.
_________
١ قال الإمام البغوي في شرح السنة "٢/ ٥٩-٦٠: "وقدر بعض أصحاب الرأي الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع، وهذا تحديد لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه".
قلتُ: أما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه "٢/ ٨٣١ رقم ٢٤٨٦"، والدارمي "٢/ ٢٧٣" عن عبد الله ابن مغفل عن رسول الله ﷺ قال: "من حفر بئرًا فله أربعون ذراعًا لماشيته"، وهو حديث حسن، "انظر الصحيحة" للألباني رقم: ٢٥١"، فلا دليل فيه على تحديد الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع؛ لأن الواضح من الحديث أن حريم البئر من كل جانب أربعون ذراعًا. انظر: "فتح العناية بشرح كتاب النقاية" للمحدث على القاري تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة "١/ ١٠٩" اهـ.
ثم قال الإمام البغوي: "وحدَّه بعضُهم بأن يكون في غدير عظيم بحيث لو حرك منه جانب، لم يضطرب منه الجانب الآخر، وهذا في غاية الجهالة لاختلاف أحوال المحركين في القوة والضعف" اهـ. وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار "١/ ٣٠": وللناس في تقدير القليل والكثير أقوال ليس عليها أثارة من علم" اهـ.
٢ قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" وهو بذيل السنن الكبرى للبيهقي "١/ ٢٦٥": "قد اختلف في تفسير القلتين اختلافًا شديدًا. ففسرنا بخمس قرب، وبأربع، وبأربع وستين رطلًا وباثنتين وثلاثين، وبالجرتين مطلقًا، وبالجرتين بقيد الكبر، وبالخابيتين، والخابية الجب فظهر بهذا جهالة مقدار القلتين فتعذر العمل بها" اهـ.
قلت: أما حديث ابن عمر، أن النبي ﷺ قال: "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء" فهو حديث ضعيف بهذه الزيادة: "من قلال هجر". أخرجه ابن عدي في الكامل "٦/ ٢٣٥٨" في ترجمة "المغيرة بن سقلاب". وقال عنه: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن حجر في التلخيص "١/ ٢٩" عن المغيرة هذا: منكر الحديث ثم قال: "١/ ٣٠" والحديث غير صحيح؛ يعني: بهذه الزيادة.
٣ الماء المستعمل هو الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ أو المغتسل.
والدليل على أن الماء المستعمل طاهر في نفسه. ما أخرجه البخاري "١/ ٣٠١- مع الفتح، ومسلم "٣/ ١٢٣٤ رقم ١٦١٦" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله قال: "جاء رسول الله ﷺ يعودني وأنا مريض لا أعْفِك فتوضأ وصب وضوءه علي".
وأما الدليل على أن الماء المستعمل مطهر لغيره، ما أخرجه أبو داود "١/ ٩١ رقم ١٣٠" عن ابن عقيل عن الربيع بنت معوذ "أن النبي ﷺ مسح برأسه من فضل ماء كان في يده" وهو حديث حسن فهذا يدل على أن الماء المستعمل طاهر مطهر، فلو كان غير مطهر لما استعمله النبي ﷺ في فرض الوضوء وهو مسح الرأس.
ولحديث أبي جحيفة قال: "خرج علينا رسول الله ﷺ بالهاجرة، فأتى بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به.." أخرجه البخاري رقم "١٨٧".
1 / 24
ومتحرك وساكن١.
_________
١ لا دليل على الفرق بين الماء الساكن والمتحرك في التطهير. أما الحديث الذي أخرجه مسلم"١/ ٢٣٦ رقم ٢٨٣" وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب". فقالوا: يا أبا هريرة، كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولًا. وفي لفظ لأحمد "٢/ ٣١٦"، وأبي داود "١/ ٥٦ رقم٧٠": "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة" وفي لفظ البخاري "١/ ٣٤٦- مع الفتح": "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه"، وفي لفظ الترمذي "١/ ١٠٠ رقم ٦٨": "ثم يتوضأ منه".
ففي الحديث نهي عن أن يبول في الماء الدائم، ثم يغتسل منه، وليس ذلك لأن الماء تنجس بحلول ذلك البول فيه، وإن لم يغير أحد أوصافه، والقول بالتنجيس يحتاج إلى دليل شرعي وليس لنا دليل يفيد ذلك فبقي الحديث على النهي للبائل أن يغتسل أو يتوضأ، وله الانتفاع به ما عدا ذلك. وغير البائل مباح له الاغتسال والوضوء. انظر: طرح التثريب "٢/ ٣٢"، وإحكام الأحكام "١/ ٢١". قال ابن حزم في المحلي "١/ ١٨٤": وأما قولهم إن النبي ﷺ نهى عن انغماس الجنب في الماء الدائم لكن لا يصير مستعملًا فباطل "اهـ.
[الباب الثاني: النجاسات] [الـ]ـفصل [الأول: أحكام النجاسات] والنجاسات١ هي غائط الإنسان مطلقًا٢ وبوله٣...................... _________ ١ النجاسات: جمع نجاسة: وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه، ويغسلون الثياب إذا أصابها كالعذرة والبول. ٢ صغيرًا أو كبيرًا. والدليل على نجاسة الغائط أحاديث، "منها": ما أخرجه أحمد "٣/ ٢٠"، وأبو داود "٢/ ٣٥٣- مع العون" وغيرهما. من حديث أبي سعيد أن النبي ﷺ قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما" وهو حديث حسن. ومنها: ما أخرجه أبو داود رقم ٣٨٦ وابن خزيمة رقم "٢٩٢" والحاكم "١/ ١٦٦" وابن حبان رقم ٢٤٩- موارد" عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب". وللحديث شاهدان صحيحان يتقوى بهما: الأول: من حديث أبي سعيد عند أحمد والخلاصة، أن حديث أبي هريرة صحيح لغيره. ٣ للحديث الذي أخرجه البخاري "١/ ٣٢٣ رقم ٢٢٠" وأبو داود "١/ ٢٦٣ رقم ٣٨٠"، والترمذي "١/ ٢٧٥ رقم ١٤٧" والنسائي "١/ ١٧٥" وابن ماجه "١/ ١٧٦ رقم ٥٢٩" عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي ﷺ: "دعوه، وهريقوا على بوله سجلًا من ماء -أو: "ذنوبًا من ماء"- فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين".
[الباب الثاني: النجاسات] [الـ]ـفصل [الأول: أحكام النجاسات] والنجاسات١ هي غائط الإنسان مطلقًا٢ وبوله٣...................... _________ ١ النجاسات: جمع نجاسة: وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه، ويغسلون الثياب إذا أصابها كالعذرة والبول. ٢ صغيرًا أو كبيرًا. والدليل على نجاسة الغائط أحاديث، "منها": ما أخرجه أحمد "٣/ ٢٠"، وأبو داود "٢/ ٣٥٣- مع العون" وغيرهما. من حديث أبي سعيد أن النبي ﷺ قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما" وهو حديث حسن. ومنها: ما أخرجه أبو داود رقم ٣٨٦ وابن خزيمة رقم "٢٩٢" والحاكم "١/ ١٦٦" وابن حبان رقم ٢٤٩- موارد" عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب". وللحديث شاهدان صحيحان يتقوى بهما: الأول: من حديث أبي سعيد عند أحمد والخلاصة، أن حديث أبي هريرة صحيح لغيره. ٣ للحديث الذي أخرجه البخاري "١/ ٣٢٣ رقم ٢٢٠" وأبو داود "١/ ٢٦٣ رقم ٣٨٠"، والترمذي "١/ ٢٧٥ رقم ١٤٧" والنسائي "١/ ١٧٥" وابن ماجه "١/ ١٧٦ رقم ٥٢٩" عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي ﷺ: "دعوه، وهريقوا على بوله سجلًا من ماء -أو: "ذنوبًا من ماء"- فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين".
1 / 25
إلا الذكر الرضيع١، ولعاب كلب٢، وروث٣، ودم حيض٤، ولحم خنزير٥، وفيما عدا ذلك خلاف٦.
والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه
_________
١ وبول الذكر الرضيع نجس. إلا أن تطهيره من الثوب بالنضح. للحديث الذي أخرجه أبو داود "١/ ٢٦٢ رقم ٣٧٦" والنسائي "١/ ١٥٨ رقم٣٠٤" وابن ماجه "١/ ١٧٥ رقم٥٢٦" وغيرهم.
قلتُ: وحسَّنه البخاري، نقل ذلك عن ابن حجر في التلخيص "١/ ٥٠"، عن أبي السمح قال: كنت قلت: وسحنه البخاري، نقل ذلك ابن حجر في التلخيص "١/ ٥٠". عن أبي السمح قال كنت أخدم النبي ﷺ فكان إذا أراد أن يغتسل قال: "ولني قفاك" فأوليه قفاي فأستره به، فأتى بحسن أو حسين ﵄ فبال على صدره، فجئت أغسله فقال: "يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام".
٢ للحديث الذي أخرجه مسلم "١/ ٢٣٤ رقم٢٧٩" والنسائي "١/ ١٧٦-١٧٧" وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار".
٣ ما لا يؤكل لحمه، للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "١/ ٢٥٦ رقم ١٥٦". والترمذي "١/ ٨٢-مع التحفة"، والنسائي "١/ ٣٩". وابن ماجه "١/ ١١٤ رقم ٣١٤" عن ابن مسعود ﵁ قال: أتى النبي ﷺ الغائط فأمرني أن آتيه بثلاث أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذا رِكْس.
ركس: بكسر الراء، وإسكان الكاف. فقيل: هي لغة في رجس بالجيم، ويدل عليه رواية ابن ماجه، وابن خزيمة في هذا الحديث، فإنها عندهم بالجيم.
وقيل: الركس: الرجيع رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة. قاله الخطابي وغيره. والأولى أن يقال: "رد من حالة الطعام إلى حالة الروث ... " اهـ "فتح الباري ١/ ٢٥٨".
٤ للحديث الذي أخرجه البخاري "١/ ٤١٠- مع الفتح" ومسلم "١/ ٢٤٠ رقم ٢٩١" وأبو داود "١/ ٢٥٥ رقم ٣٦٠ و٣٦١ و٣٦٢". والترمذي "١/ ٢٥٤-٢٥٥ رقم ١٣٨"، والنسائي "١/ ١٥٥" وابن ماجه "١/ ٢٠٦ رقم ٦٢٩" وغيرهم.
عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: سألت امرأة رسول ﷺ فقالت: أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة، كيف تصنع؟ فقال رسول الله ﷺ: "إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرضه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه".
٥ لا دليل على نجاسة الخنزير بل الدليل على تحريم أكله. وأما الاستدلال بقوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥] . قلنا: المراد بالرجس هنا الحرام كما يفيد سياق الآية، والمقصود منها، فإنها وردت فيما يحرم أكله لا فيما هو نجس.
٦ مثل: "المني" و"الميتة" و"الدم المسفوح" و"الخمر" و"المذي" و"الودي" و"المشرك".
أما المني، فالأرجح طهارته، وهو ماء الرجل. للحديث الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه "١/ ١٤٧ رقم٢٩٠"، وذكره ابن حجر في الفتح "١/ ٣٣٣" وسكت عنه. عن عائشة ﵂:=
1 / 26