251

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Editor

خالد بن عثمان السبت

Penerbit

دار عطاءات العلم (الرياض)

Nombor Edisi

الخامسة

Tahun Penerbitan

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lokasi Penerbit

دار ابن حزم (بيروت)

Genre-genre

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: آية ٤٤].
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ النسيانُ هنا معناه: التَّرْكُ عَمْدًا.
وقد بَيَّنَّا أن مادةَ (النسيانِ) تُطْلَقُ في القرآنِ وفي اللغةِ العربيةِ إِطْلَاقَيْنِ (^١):
يطلقُ (النسيانُ) على تركِ الفعلِ عمدًا نحو قوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ [الحشر: آية ١٩] وكقولِه: ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ [السجدة: آية ١٤] والله لَا يَنْسَى أبدًا النسيانَ الذي هو زوالُ العلمِ؛ لأن اللَّهَ يقولُ: ﴿لَاّ يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: آية ٥٢] ويقولُ: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: آية ٦٤] فهذا الاصطلاحُ [معروفٌ] (^٢) تقولُ العربُ: «أمرتُ زيدًا فَنَسِيَ أَمْرِي». يعنونَ تَرَكَهُ عَمْدًا.
الثاني: هو (النسيانُ) بمعنى زوالِ العلمِ. كالنسيانِ الاصطلاحيِّ المعروفِ. ومنه قولُه: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَاّ الشَّيْطَانُ﴾ [الكهف: آية ٦٣] وقولُه: ﴿وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى﴾ [الأنعام: آية ٦٨] ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ [المجادلة: آية ١٩] هذا (النسيانُ) بمعنَى زوالِ العلمِ، والمرادُ في الآيةِ: النسيانُ بمعنى التركِ عَمْدًا، وهو قولُه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا﴾ [الأنعام: آية ٤٤] أي: تَرَكُو عَمْدًا ﴿مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ ما ذَكَّرَهُمُ اللَّهُ به من البأساءِ والضراءِ، فلم يتضرعوا في حالةِ الضُّرِّ، ولم يشكروا في حالةِ النعيمِ؛ لأن اللَّهَ بيَّن أن الكافرَ عند حالةِ النعماءِ أنه فَخُورٌ أَشِرٌ بَطِرٌ، وعند حالةِ الضراءِ يَؤُوسٌ قنوطٌ،

(^١) مضى عند تفسير الآية (٤١) من سورة الأنعام.
(^٢) زيادة ينتظم بها الكلام.

1 / 255