209

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Penyiasat

خالد بن عثمان السبت

Penerbit

دار عطاءات العلم (الرياض)

Nombor Edisi

الخامسة

Tahun Penerbitan

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lokasi Penerbit

دار ابن حزم (بيروت)

Genre-genre

بالناسِ، والصحابةُ يسمعونَ حَنِينَهُ، حتى جاءه النبيُّ ﷺ يُسَكِّتُهُ كما تُسَكِّتُ الأُمُّ وَلَدَهَا (^١). وقد ثَبَتَ في صحيحِ مسلمٍ أن النبيَّ ﷺ قال: «إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ بِمَكَّةَ» (^٢). وقد قال اللَّهُ (جل وعلا) في كتابِه: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا﴾ - أي: مِنَ الحجارةِ - ﴿لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [البقرة: آية ٧٤] لما يُصْعَقُ مِنْ أَعْلَى الجبلِ إلى أسفلِه نازلًا خوفًا من رَبِّ العالمين (جل وعلا)، كما قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: آية ٢١] وقد قال جل وعلا: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ﴾ [ص: آية ١٨] فصرَّح بتسبيحِ الجبالِ، وقد قال جل وعلا: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ [الأحزاب: آية ٧٢] والإشفاقُ: الخوفُ. معناه: أن هذه الجماداتِ، من السمواتِ والأرضِ والجبالِ، عندها إدراكٌ يعلمُه اللَّهُ، ونحن لا نعلمُه، حيث أَبَتْ من التزامِ التكليفِ وَأَشْفَقَتْ، وهذه حقائقُ دَلَّ عليها الكتابُ والسنةُ. وَالْمُلْحِدُونَ الذين يقولونَ: «هذه أمثلةٌ وتخييلٌ وتصويرٌ بما ليس بواقعٍ». كل ذلك من صَرْفِ كتابِ اللَّهِ عن ظاهرِه المتبادرِ منه بغيرِ دليلٍ، وذلك لا يجوزُ؛ إذ لا مانعَ عقلًا أن يخلقَ اللَّهُ للجماداتِ إدراكاتٍ يعلمُها هو ونحن لا نعلمُها، كما قال تعالى: ﴿وَإِن مِّنْ شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾ [الإسراء: آية ٤٤] وكذلك يخلقُ للبهائمِ إدراكاتٍ، وقد نصَّ القرآنُ على كثيرٍ من ذلك،

(^١) مضى عند تفسير الآية (٣٧) من سورة الأنعام. (^٢) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ وتسليم الحجر عليه قبل النبوة. حديث (٢٢٧٧) (٤/ ١٧٨٢).

1 / 213