يستهزئُ من الناسِ أنه جاهلٌ (^١)؛
لأن نبيَّ اللَّهِ موسى استعاذَ بِاللَّهِ من أن يكونَ اتخذهم هزؤا كما قالوا؛ وَلِذَا قال: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ فلما عَلِمُوا أن الأمرَ من اللَّهِ جدٌّ، وأن الجوابَ مطابقٌ لسؤالهم، وأن المرادَ بذبحِ البقرةِ أن يُضْرَبَ القتيلُ بجزءٍ منها فَيَحْيَا، فيخبرهم بقاتلِه تَعَنَّتُوا وَأَكْثَرُوا الأسئلةَ فشدَّدُوا على أنفسِهم، فشدَّدَ اللَّهُ عليهم، قالوا مُخَاطِبِينَ نَبِيَّهُمْ: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ [البقرة: آية ٦٨]، أي: اسْأَلْ لنا رَبَّكَ ﴿يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ المرادُ بقوله: ﴿مَا هِيَ﴾ هنا يَعْنُونَ: ما سِنُّها (^٢)؛ لأن السؤالَ يوضِّحُه الجوابُ، حيثُ قال لهم نبيُّ اللَّهِ موسى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَاّ فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ﴾ ﴿إِنَّهَا﴾ أي: البقرةُ التي سَأَلْتُمْ عن سِنِّهَا ﴿بَقَرَةٌ لَاّ فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ ﴿عَوَانٌ﴾: خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ (^٣). والمعنى: لا فارضٌ ولا بكرٌ، هي عوانٌ بَيْنَ ذَلِكَ. الفارضُ: الْمُسِنَّةُ التي طَعَنَتْ في السَّنِّ، وكلُّ طاعنٍ في السِّنِّ تُسَمِّيهِ العربُ (فارضًا)، وكلُّ قديمٍ تُسَمِّيهِ (فَارِضًا) (^٤)، ومن أمثلتِه في كلامِ العربِ قولُ خفاف بن نُدبة السُّلَميِّ