207

Ahlaq al-Wazirain

أخلاق الوزيرين :: مثالب الوزيرين :: أخلاق ال¶ صاحب ابن عباد وابن العميد

Editor

محمد بن تاويت الطنجي

Penerbit

دار صادر - بيروت

Lokasi Penerbit

بإذن

وسمعت أبا محمد الفرغاني الحنيفي يقول: ما خلوت بفكري في أمري ومُلازمتي هذا الرجل - يعني البصري - إلا ظننتُ أن الله تعالى يرسل عليّ صاعقة أو يجعلني آية وعبرةً باقية.
وأما ابن أبي كانون فإني قلت له يومًا: مالي أراك واجمًا من غير عارضٍ، وطويل السكوت من غير عيّ، وكثير الفكر من غير وسواس، وشديد الحُزن من غير إفلاس؟ ليس لك أُنس بالجماعة، ولا تفكُّه بالمحادثة، ولا استماع بالمجالسة، بعد ما عهدتك في حدثان مقدَمك وأنت تتَّقد كالنار، وتزخر كالبحر، وتأرَنُ كالمُهر، وتذكو كالقنبر.
فقال: ومن أولى بالبال الكاسف والغمّ الطويل والأرق الدّائم منّي؟ فارقتُ وطني وأهلي وإخواني ومعارفي وجميع ما كنت آلفه وأحيا به، وأشتمُّ روح العيش منه، وتجرّعتُ مرارة بُعدي عنهم، وصبرتُ نفسي على ما نالهم بخروجي من بينهم وسلوتي دونهم، وما نزل بي بعدهم من جفاء الغُربة ووحشة الوحدة، وشَظف العيش بالقلّة - كلّ ذلك طمعًا فيما أًبرّد به غليل قلبي في الدّين والمذهب، وأنفي به الحَرج

1 / 209