الصداقة وَإِن كَانَ قد يُبَادر هُوَ أَيْضا إِلَى مثل ذَلِك فِي قصَّة أُخْرَى فهما صديقان من أردْت قَضَاء حَاجته بعد أَن سَأَلَك إِيَّاهَا أَو أردْت ابتداءه بقضائها فَلَا تعْمل لَهُ إِلَّا مَا يُرِيد هُوَ لَا مَا تُرِيدُ أَنْت وَإِلَّا فَأمْسك فَإِن تعديت هَذَا كنت مسيئا لَا محسنا ومستحقا للوم مِنْهُ وَمن غَيره لَا للشكر ومقتضيا للعداوة لَا للصداقة لَا تنقل إِلَى صديقك مَا يؤلم نَفسه وَلَا ينْتَفع بمعرفته فَهَذَا فعل الأرذال وَلَا تكتمه مَا يستضر بجهله فَهَذَا فعل أهل الشَّرّ وَلَا يَسُرك أَن تمدح بِمَا لَيْسَ فِيك بل ليعظم غمك بذلك لِأَنَّهُ نقصك يُنَبه النَّاس عَلَيْهِ وَيسْمعهُمْ إِيَّاه وسخرية مِنْك وهزؤ بك وَلَا يرضى بِهَذَا إِلَّا أَحمَق ضَعِيف الْعقل وَلَا تأس إِن ذممت بِمَا لَيْسَ فِيك بل افرح بِهِ فَإِنَّهُ فضلك يُنَبه النَّاس عَلَيْهِ وَلَكِن افرح إِذا كَانَ فِيك مَا تسْتَحقّ بِهِ الْمَدْح وَسَوَاء مدحت بِهِ أَو لم تمدح واحزن إِذا كَانَ فِيك مَا تسْتَحقّ بِهِ الذَّم وَسَوَاء ذممت بِهِ أَو لم تذم من سمع قَائِلا يَقُول فِي امْرَأَة صديقه قَول سوء فَلَا يُخبرهُ بذلك أصلا لَا سِيمَا إِذا كَانَ الْقَائِل عيابة وقاعا فِي النَّاس سليط اللِّسَان أَو دَافع معرة عَن نَفسه يُرِيد أَن يكثر أَمْثَاله فِي النَّاس وَهَذَا كثير مَوْجُود وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يحدث الْإِنْسَان إِلَّا بِالْحَقِّ وَقَول هَذَا الْقَائِل لَا يدرى أَحَق هُوَ أم بَاطِل إِلَّا أَنه فِي الدّيانَة عَظِيم فَإِن سمع القَوْل مستفيضا من جمَاعَة وَعلم أَن أصل ذَلِك القَوْل شَائِع
1 / 47