Akhlaq Cinda Ghazali

Zaki Mubarak d. 1371 AH
118

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Genre-genre

ويجب أن نتنبه إلى هذه الكلمة الأخيرة، وهي «إشارة العقل والشرع» فإن الغزالي يدمج فيها التوافق والمماثلة معا؛ أما المماثلة فهي في لفظ الشرع، وقد وضع لهذا أخلاق الرسول ممثلة في القرآن. وأما التوافق فهو لفظ العقل، إذ يرجع كل الملكات إلى طاعته. وانظر قوله «فالعقل مثاله الناصح المشير وقوة العدل هي القدرة، ومثالها مثال المنفذ الممضي. والغضب هو الذي تنفذ فيه الإشارة، ومثاله مثال كلب الصيد فإنه يحتاج إلى أن يؤدب حتى يكون استرساله وتوقفه بحسب الإرشاد».

والأمر كذلك في قوة العلم وقوة الشهوة. وقد نص في «الميزان» على أن العدل عبارة عن وقوع هذه القوى على الترتيب الواجب واستشهد بالقول المأثور: بالعدل قامت الأرض والسموات، وهذا الترتيب الواجب خاضع للعقل بالطبع، وهذا ما يراد بنظرية التوافق.

أمهات الفضائل

أصول الفضائل فيما يرى الغزالي أربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل. وقد نص على أنه يعني بالحكمة حالة للنفس بها يدري الصواب من الخطأ في جميع الأحوال الاختيارية. ويعني بالعدل حالة للنفس وقوة بها تسوس الغضب والشهوة وتحملها على مقتضى الحكمة. ويعني بالشجاعة كون قوة الغضب منقادة للعقل في إقدامها وإحجامها. ويعني بالعفة تأدب قوة الشهوة بتأديب العقل والشرع.

ولهذه الأصول فروع، كما يرى الغزالي، فمن اعتدال قوة العقل يحصل حسن التدبير، وجودة الذهن، وثقاب الرأي، وإصابة الظن، والتفطن لدقائق الأعمال، وخفايا آفات النفوس.

وأما خلق الشجاعة فيصدر عنه: الكرم، والنجدة والشهامة، وكسر النفس، والاحتمال، والحلم، والثبات، وكظم الغيظ، والتودد.

وأما خلق العفة فيصدر عنه: السخاء، والحياء، والصبر، والمسامحة، والقناعة، والورع، واللطافة، والمساعدة، والظرف، وقلة الطمع.

وقد نص في «الميزان» على أن الحكمة فضيلة القوة العقلية، والشجاعة فضيلة القوة الغضبية، والعفة فضيلة القوة الشهوانية، والعدل عبارة عن وقوع هذه القوى على الترتيب الواجب «فليس جزءا من الفضائل، بل هو عبارة عن جملة الفضائل».

1

وقد لحظ الغزالي أن في هذه الفروع شيئا من الغموض، فكتب في شرحها ثلاثة فصول مطولة في الميزان، وبين معها كذلك ما ينشأ من الإفراط والتفريط، من أنواع الرذائل، وسنرجع إليها في غير هذا الباب.

Halaman tidak diketahui