فتنهد وقال: ونبيهة تعيش مع أهلها بكل رعونة وخشونة؛ ترفس أخاها، وتقاتل أمها، وتلعن أباها إن أغاظها، وتظل معبسة بوجه أهلها، في حين أنها تبتسم لعابري الطريق، وتذوب رقة ولطافة لدى مقابلتها زوارها. قل بحياة ربك، أفلا تعاملني كأهلها متى صارت زوجتي؟
قلت: ربما، وماذا بعد؟
قال: وأنيسة كسلانة، تطيل السهر ولا تستيقظ إلا عند الظهر، فتقضي ما بقي من النهار على غسل وجهها والتضمخ بالطيوب، وضفر شعرها، وتزجيج حاجبيها، وهي لا تقبل نصيحة أمها وتعد كل عمل عارا، تتأوه إن لمست الحرير، فكأن جسمها من النعنع، فما عساها تفيد البيت يا ترى؟ ألا تدك أساساته؟
وكريمة، لما زرناها قعدنا على مقعد حريري، ولكنه متواضع فتنكر في ثوب من الغبار، فكدنا لا نعرف لونه، وقد رأيت أثاث بيتها مبعثرا وثيابها غير نظيفة، لحظت أنها لا تهتم بشيء إلا بمطالعة الروايات السخيفة، ولا تتحدث إلا عن أبطال الشاشات البيضاء، فكيف يكون حالي إذا صارت حليلتي؟
وأليس لسانها أطول من حبل الجمال، ثرثارة، تثلم أعراض رفيقاتها ونظيراتها، مدعية، تجهل القراءة والكتابة. وتوهمك أنها فيلسوفة عصرها ... أنها جميلة جدا، وهل يكفي جمال وجه يخلو صاحبه من جمال العقل والأدب؟
وسعدى وقحة متفرنجة، حديثها مخلوطة، كلمة عربية، وكلمة أعجمية وهي نصف أمية، أقول: نصف أمية حتى لا أقول: نصف متعلمة؛ لأنها لا تستحق هذا اللقب، ومتى حمي التنور لا تنطق إلا باللعنات! وهل أقبح من أنثى تسب الدين؟ صدقني إذا قلت لك: إني سمعتها بأذني، رأيتها مرارا تضرب خادمتها كما تضرب الحيوان، وتقذفها بلعنات لا ينطق بها أولاد الشوارع.
وليلى مترجلة لا ينقصها إلا زوج شوارب، تتجول وحدها في الأزقة، تنفق كل ما يصل إلى يدها على توابل الحسن ومقبلاته، كأنها تجهل:
إن المليحة من كانت محاسنها
من صنعة الله لا من صنعة البشر
وجميلة لا تعلم شيئا من أمور تدبير البيت، تستعين بجاراتها على رتق ثوبها، ومن كانت لا تحسن تدبير نفسها فكيف يمكنها أن تدبر البيت بحكمة ونشاط؟ فأمي صارت على حافة قبرها، وأختاي واحدة تزوجت والثانية ماتت .
Halaman tidak diketahui