أَمر نصر الحاجب أن يتقدم إلى بخدمتهما، وإن يجعل على نوبة لهما يومين في كل أسبوع ففعل ذلك دخلت إليهما ذكيين فطنين عاقلين إلا أنهما خاليان من العلوم، فعاتبت ابن غالب مؤدبهما على ذلك وكان الراضي أَذكاهما وأحرصهما على الأدب، فحببت العلم إِليهما واشتريت لهما من كتب الفقه والشعر واللغة والأخبار قطعة حسنة فتنافسا في ذلك وعمل كل منهما خزانة لكتبه وقرآ علي الأخبار والأشعار فقلت إن الحديث أولى بكما وانفع لكما من هذه وهو أولى أن يبتدأ به وجئتهما بأعلى من بقي من الزمان إسنادًا، وهو أبو القاسم ابن بنت منيع، واختلف إليهما مجالس ونسخت لهما علو حديثه ومشايخه، مثل علي بن الجعد وابن عائشة وأبي نصر التمار، وجميع علوه ومختار حديثه، واحتجنا إلى أن نبره بدنانير، فوجه إلى من جهة والدتهما والله ما عندنا دنانير لهذا المحدث، ولا بنا حاجة إلى مجيئه، فعرفت نصرا الحاجب ذلك فقال خذ له من مالي كل شيء يريده فأوصل إليه في مدة شهرين أربعمائة دينار.
وقرآ علي من كتب اللغة كتبًا كثيرة منها خلق الإنسان للأَصمعي فمضى خدم سمعوا ذلك إلى المقتدر وإلى والدته، فقالوا لهما: إن الصولي يعلمهما أسماء الفرج والذكر فدعا المقتدر نصرا الحاجب فعرفه ذلك، ودعاني نصر الحاجب. وكان من أحسن الناس عقلًا، فسألني عن ذلك، فعرفته السبب فيه فقال: جئني بالكتاب، فجئته فعرفه وعرفته أن هذا من العلوم التي لا بد للفقهاء والقضاة منها، وأنهم
1 / 25