حكى إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال: كانت أمّ عبد الملك بن سعيدٍ بن خالدٍ بن عمرو، عند الوليد بن يزيد بن عبد الملك. فمرض سعيدٌ، وهو بالبادية، فعاده، فدخل عليه وعنده أختها سلمى، فستروها، فرأى منها لمحةً ثمّ قامت، فرأى طولها فطلّق أختها وخطبها، فلم يزوّجه إيّاها وكانت أختها أمّ عثمان عند هشامٍ بن عبد الملك، فبعث إلى أبيها: إيّاك أن تزوّج الوليد، تريده أن تتّخذه فحلًا لبناتك يطلّق واحدةً ويتزوّج أخرى؟ فأبى أن يزوّجه. فقال الوليد: العجب من سعيدٍ، خطبت إليه فردّني، ولو قد مات هشامٌ واستخلفت لزوّجنيها، فإن زوّجتها فهي طالق، وإن كنت أهواها. وقد ذكرنا حديثه مستقصىً في موضعه من هذا الكتاب.
خاصمت امرأةٌ زوجها إلى المطّلب بن حبط المخزومي قاضي المدينة، وكانت قالت له: أسأت إليّ وأوجعتني، ووالله ما أستطيع، فإنّ بنتك تمسي من الجوع والجهد وما أقمن إلاّ على الوطن. فقال: أنت طالقٌ إن كان لا يقمن إلاّ على الوطن! فأخبرت القاضي بما قالت، وبما قال. فقال القاضي: بطلب المقادير، وربّ الكعبة، إنّ الأيّل ليكون بالمكان الجدب الخسيس المرعى فتقيم فيه بحبّ الوطن. فقال الزّوج: كأنّ المسألة، أصلح الله القاضي، أشكلت عليك هي طالقٌ ألف مرّة.
وطلّق عليٌّ بن منظور امرأته فندم عليها ندمًا شديدًا، فقال:
1 / 78