لكنّ قلبي عنكم ليس يشغله ... حتّى الممات وما لي غيركم أمل
لو تعلمين الذي بي من فراقكم ... لما اعتذرت، ولا طابت لك العلل
نفسي فداؤك، قد أحللت بي سقمًا ... تكاد من حرّه الأعضاء تنفصل
لو أنّ ما بي من سقمٍ على جبلٍ ... لزال وانهدّ من أركانه الجبل
ثمّ قال لي: اجلس، يا أخا بني عذرة، حتّى أكشف خبر ابنة عمّي. ثمّ مضى فغاب عن بصري، فلم ألبث أن أقبل وعلى يديه محمول، وقد علا شهيقه ونحيبه، فقال: يا أخي هذه ابنة عمّي أرادت زيارتي فاعترضها الأسد فأكلها. ثمّ وضعها بين يديّ، وقال: على رسلك، حتّى أعود إليك. فغاب عن نظري فأبطأ، حتّى آيست من رجوعه، فلم ألبث أن أقبل ورأس الأسد على يديه فوضعه ثمّ، قال: يا أخي إنّك ستراني ميّتًا فاعمد إليّ وإلى ابنة عمّي فأدرجنا في كفنٍ واحدٍ، وأدفنّا في قبرٍ واحدٍ، واكتب على قبرنا هذين البيتين:
كنّا على ظهرها والعيش في مهلٍ ... والشّمل يجمعنا والدّار والوطن
ففرّق الدّهر بالتّصريف إلفتنا ... فصار يجمعنا في بطنها الكفن
وردّ الغنم إلى صاحبها، وأعلمه بقصّتها.
ثمّ عمد إلى خناقٍ وطرحه في عنقه، فناشدته الله لا تفعل، فأبى
1 / 66