وقيل لميّة، بعد موت قابوس: ما كان يضرّك لو أمتعته بوجهك قبل موته؟ قالت: منعني من ذلك خوف العار، وشماتة الجّار. ولقد كان بقلبي منه أكثر ممّا كان بقلبه، غير أنّي وجدت ستره أبقى لنا لما في الصّدر من المودّة، وأحمد للعافية.
وقيل لابنة ملكٍ من ملوك الفرس، وقد أجهدها عشق رجلٍ من أساورة أبيها: لو روّحت عن قلبك بالاجتماع معه، كفّ ذلك من وجدك. قالت: إنّ الأمر على ما تصفون، ولكن ما عذري إذ هتكت ستري، وأظهرت أمري، عند من لا يلزمه عاري، ويرغمه اشتهاري، والله لا كان هذا أبدًا.
وحكى السّريّ بن المطّلب قال: كان الحارث بن الشّريد يعشق عفراء بنت أحمر. فلمّا عيل صبره كتب إليها:
صبرت على كتمان حبّك برهةً ... وبي منك في الأحشاء أصدق شاهد
هو الموت إن لم يأتني منك رقعةٌ ... تقوم لقلبي في مقام العوائد
فلمّا وصلت الرّقعة كتبت إليه:
كفيت الذي تخشى وصرت إلى المنى ... ونلت الذي تهوى برغم الحواسد
1 / 56