بِجَوَاز نكاحهم لَا يفرق وَيتَفَرَّع على ذَلِك ذكر بعثة النَّبِي ﷺ إِلَيْهِم وَقبل بعثته إِلَيْهِم بِمَاذَا كَانُوا مكلفين هَل بعث إِلَيْهِم نَبِي مِنْهُم كَمَا يَقُوله الضَّحَّاك وَغَيره وَقطع بِهِ أَبُو مُحَمَّد بن حزم أَو كَانَ فهم نذر مِنْهُم لَيْسُوا رسلًا عَن الله تَعَالَى وَلَكِن بثهم الله تَعَالَى فِي الأَرْض فَسَمِعُوا كَلَام رسل الله ﷿ الَّذين هم من بني آدم وعادوا إِلَى قَومهمْ من الْجِنّ فأنذروهم وَهَذَا قَول جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف وَهَذَا كَمَا سمع النَّفر من الْجِنّ الْقُرْآن من النَّبِي ﷺ وعادوا إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا انا سمعنَا كتابا أنزل من بعد مُوسَى وَكَانَ هَذَا قبل دَعْوَة النَّبِي ﷺ إيَّاهُم واجتماعهم بِهِ وَيتَفَرَّع على تكليفهم ثوابهم على الطَّاعَة وعقابهم على الْمعْصِيَة وَدخُول كافرهم النَّار ومؤمنهم الْجنَّة عِنْد بعض الْعلمَاء وَيتَفَرَّع على كل مُقَدّمَة مسَائِل تتأتى وتتفتح لَهَا أَبْوَاب شَتَّى يتشبث بَعْضهَا بأذيال بعض وينخرط فِي عقد سلكها دُرَر لَا يكَاد نظمها ينفض ويستطرد فِي غُضُون ذَلِك نكت وأخبار وعيون وَأَحَادِيث مروية عَنْهُم لَا تَنْتَهِي وَلِحَدِيث الْجِنّ شجون فاستخرت الله فِي إبراز هَذَا التصنيف وإحراز كثير مِمَّا ورد عَنْهُم فِي هَذَا التَّأْلِيف وَجَعَلته جَامعا لمهم أحكامهم حاويا لأحوالهم فِي رحلتهم ومقامهم رَافعا لستورهم دافعا لما يتطورون عَلَيْهِ من الكيد فِي صُدُورهمْ كاشفا لضمائرهم كاشفا لمناورهم ورتبت على كل مقطع بوابا وَفتحت لكل مطلع بَابا وضمنته مائَة وَأَرْبَعين بَابا وَقد يزِيد على ذَلِك بِمَا ينخرط فِي هَذِه المسالك من التوابع الَّتِي يتَعَيَّن إيرادها والفصول الَّتِي لَا يحسن إفرادها وسميته آكام المرجان فِي أَحْكَام الجان وَبِاللَّهِ استعيذ من الشَّيَاطِين ونزعاتهم وَبِه استعين على مَرَدَة الْجِنّ وطغاتهم وبقدرته أدفَع سطوة شرورهم وبعزته أدرأ فِي نحورهم وبذكره أتحصن من كيدهم وبقوته أوهن مَا قوى من أَيْديهم هُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
1 / 18