فلما فرغ زكريا من القراءة دفع الدرج إلى البطريرك وقال له: «من أين تأتي بهذه المطالب؟»
قال: «لا أدري وقد كتبت إليه أشكو عذري وفقر الأديرة، فلم يصغ، وفي عزمي أن أوسط كاتب المارداني في ذلك.»
فلما سمع زكريا اسم كاتب المارداني تذكر إسطفانوس، فأطرق وتغيرت سحنته، فقال له البطريرك: «ما بالك يا بني؟ ما الذي غيرك؟»
قال: «تذكرت أمرا جرى لنا في الفسطاط، فقرنته إلى الحديث الذي سمعته منك، فلاح لي أن سبب التعدي ليس من ابن طولون.»
قال: «ألم أقل لك ذلك؟ إنه من أبنائنا.» وتنهد وقال: «لقد أطلت الكلام وأطلقت لنفسي العنان معك ولم أخاطب أحدا سواك في هذا الأمر، لا أدري كيف وجدت راحة في الحديث معك هل تعرف سبب هذا الغضب؟»
فتململ زكريا وبالغ في التأدب، وقال: «لا أجهل ضعتي وتنازل غبطة البطريرك في محادثتي؛ فإن مثلي لا يحلم بهذا الإكرام.»
فقطع البطريرك كلامه قائلا: «كلا ليس هذا مرادي، وليس في النصرانية تفاضل بين أبنائها وما البطريرك إلا والد والرعايا أولاده، لا فرق بين خادمهم ومخدومهم، وإني أستلذ الحديث معك وأرتاح لمباسطتك، وأحب أن أطلع على ما عندك، هل تعرف سبب هذا الغضب؟»
قال: «إذا سمحت لي قلت ما يخطر ببالي.»
قال: «قل.»
قال: «أتذكر يا سيدي يوم كتبت إليك أستنجدك على أسقف الفسطاط؟»
Halaman tidak diketahui