268

Peraturan Sultan

الأحكام السلطانية

Penerbit

دار الكتب العلمية - بيروت

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Lokasi Penerbit

لبنان

وَالثَّانِي: جَوَازُ التَّعَرُّضِ فِيهِمَا لِأَسْبَابِ الْمَصَالِحِ، وَالتَّطَلُّعِ إلَى إنْكَارِ الْعُدْوَانِ الظَّاهِرِ. وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَمِنْ وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّظَرَ فِي الْمَظَالِمِ مَوْضُوعٌ لِمَا عَجَزَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، وَالنَّظَرُ فِي الْحِسْبَةِ مَوْضُوعٌ لِمَا رَفَّهَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، وَلِذَلِكَ كانت رتبة المظالم أعلى، ورتبة الحسبة أخص، وَجَازَ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يُوَقِّعَ إلَى الْقُضَاةِ والمحتسبة، وَلَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَقِّعَ إلَى وَالِي الْمَظَالِمِ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يُوَقِّعَ إلَى الْمُحْتَسِبِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُوَقِّعَ إلَى وَاحِدٍ منهما. فهذا فرق والثاني: أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَحْكُمَ، وَلَا يجوز لوالي الحسبة أن يحكم. إذا قرر هذا فالحسبة تشتمل على أمر بمعروف ونهي عن منكر. أما الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: مَا تعلق بحدود الله تعالى. الثاني: ما تعلق بحقوق الآدميين. الثالث: ما كان مشتركا بينهما. أما المتعلق بحقوق الله تعالى فضربان: أحدهما: ما يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهِ فِي الْجَمَاعَةِ دُونَ الِانْفِرَادِ، كَتَرْكِ الْجُمُعَةِ فِي وَطَنٍ مَسْكُونٍ فَإِنْ كَانُوا عَدَدًا قَدْ اُتُّفِقَ عَلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ كَالْأَرْبَعِينَ فَمَا زَادَ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِإِقَامَتِهَا. وَيُؤَدِّبَ عَلَى الْإِخْلَالِ بِهَا، وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا قد اُخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ، فَلَهُ وَلَهُمْ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَ رَأْيُهُ وَرَأْيُ الْقَوْمِ عَلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ الْعَدَدِ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُسَارِعُوا إلى أمره بها، ويكون في تأديبهم في تركها ألين من تأديبهم على تركه مَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ. وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يتفق رأيه ورأي القوم أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، وَهُوَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا لَوْ أقيمت أحق. والحال الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرَى الْقَوْمُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ، لا يَرَاهُ الْمُحْتَسِبُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَارِضَهُمْ فيها ولا يأمرهم بِإِقَامَتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْهَا، وَيَمْنَعَهُمْ مِمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَرَى الْمُحْتَسِبُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بهم ولا يراه القوم بهذا مما في استمرار تركه تعطيل الْجُمُعَةِ مَعَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ، وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَزِيَادَتِهِ فَهَلْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، اعْتِبَارًا بهذا المعنى؟ ظاهر كلام أحمد ﵀: أنه لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا

1 / 287