Ahkam Quran
أحكام القرآن لابن العربي
Penerbit
دار الكتب العلمية
Edisi
الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: قَالَ فِي " الْمُدَوَّنَةِ ": يُؤَدِّيهَا وَلَا يَنْفَعُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ وَالطَّلَاقِ.
الثَّانِي: قَالَ فِي " كِتَابِ مُحَمَّدٍ ": لَا يُؤَدِّيهَا.
الثَّالِثُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: يُؤَدِّيهَا وَيَنْفَعُ إذَا لَمْ يَشُكَّ فِي كِتَابٍ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ؛ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةِ.
وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ، وَبَيَّنَّا تَعَلُّقَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ خَطَّهُ فَرْعٌ عَنْ عِلْمِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ عِلْمُهُ ذَهَبَ نَفْعُ خَطِّهِ، وَأَجَبْنَا بِأَنَّ خَطَّهُ بَدَلُ الذِّكْرَى، فَإِنْ حَصَلَتْ وَإِلَّا قَامَ مَقَامَهَا.
[مَسْأَلَةُ بَاعَ بِنَقْدٍ أَشْهَدَ وَإِذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ كَتَبَ وَأَشْهَدَ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]
قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْبُيُوعُ ثَلَاثَةٌ: بَيْعٌ بِكِتَابٍ وَشُهُودٍ، وَبَيْعٌ بِرِهَانٍ، وَبَيْعٌ بِأَمَانَةٍ؛ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ؛ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا بَاعَ بِنَقْدٍ أَشْهَدَ، وَإِذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ كَتَبَ وَأَشْهَدَ، وَكَانَ كَأَبِيهِ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُقْتَدِيًا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[مَسْأَلَةٌ سُقُوطِ الْإِشْهَادِ فِي النَّقْدِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ: ظَنَّ مَنْ رَأَى الْإِشْهَادَ فِي الدَّيْنِ وَاجِبًا أَنَّ سُقُوطَهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ رَفْعٌ لِلْمَشَقَّةِ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ.
وَالظَّاهِرُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ وَاجِبًا، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ بِهِ أَمْرُ إرْشَادٍ لِلتَّوَثُّقِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَهُوَ فِي النَّسِيئَةِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ؛ لِكَوْنِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَاقِيَةً؛ تَوَثُّقًا لِمَا عَسَى أَنْ يَطْرَأَ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَتَغَيُّرِ الْقُلُوبِ، فَأَمَّا إذَا تَفَاصَلَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَتَقَابَضَا، وَبَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَيَقِلُّ فِي الْعَادَةِ خَوْفُ التَّنَازُعِ إلَّا بِأَسْبَابٍ عَارِضَةٍ، وَنَبَّهَ الشَّرْعُ عَلَى هَذِهِ الْمَصَالِحِ فِي حَالَتَيْ النَّسِيئَةِ وَالنَّقْدِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ الْإِشْهَادِ فِي النَّقْدِ، وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] أَمْرُ إرْشَادٍ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ جُنَاحًا فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ فِي الدَّيْنِ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ
1 / 341