335

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

ذِي نَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ يُفْضِي إلَى وَصْلَةٍ تَقَعُ بِهَا التُّهْمَةُ، كَالصَّدَاقَةِ وَالْمُلَاطَفَةِ وَالْقَرَابَةِ الثَّابِتَةِ.
وَفِي كُلِّ ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ تَفْصِيلٌ وَاخْتِلَافٌ، بَيَانُهُ فِي إيضَاحِ دَلَائِلِ مَسَائِلِ الْخِلَافِ، بَيَانُهُ فِي إلْزَامِ وَصْفِ الرِّضَا الْمُشَاهَدِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّذِي أَكَّدَهُ بِالْعَدَالَةِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] وَلَا يَجْتَمِعُ الْوَصْفَانِ حَتَّى تَنْتَفِيَ التُّهْمَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الرِّضَا وَالْعَدَالَةُ فِي النِّكَاحِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا شُرِطَ الرِّضَا وَالْعَدَالَةُ فِي الْمُدَايَنَةِ فَاشْتِرَاطُهَا فِي النِّكَاحِ أَوْلَى، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: إنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ، فَنَفَى الِاحْتِيَاطَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَالْجَدِّ وَالنَّسَبِ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢] فِيهِ تَأْوِيلَانِ وَقِرَاءَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: أَنْ تَجْعَلَهَا ذِكْرًا، وَهَذِهِ قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ.
الثَّانِي: أَنْ تُنَبِّهَهَا إذَا غَفَلَتْ وَهِيَ قِرَاءَةُ التَّثْقِيلِ؛ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ يَعْضُدُهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] وَاَلَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَعْقُبَ الضَّلَالَ وَالْغَفْلَةَ الذِّكْرُ، وَيَدْخُلُ التَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي مَعْنَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَتْ امْرَأَةً وَاحِدَةً مَعَ رَجُلٍ فَيُذَكِّرَهَا الرَّجُلُ الَّذِي مَعَهَا إذَا نَسِيَتْ؛ فَمَا الْحِكْمَةُ فِيهِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ شَرَعَ مَا أَرَادَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحِكْمَةِ وَأَوْفَى بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَعْلَمَ الْخَلْقُ وُجُوهَ الْحِكْمَةِ وَأَنْوَاعَ الْمَصَالِحِ فِي الْأَحْكَامِ، وَقَدْ أَشَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّهُ لَوْ ذَكَّرَهَا إذَا نَسِيَتْ لَكَانَتْ شَهَادَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا كَانَتْ امْرَأَتَيْنِ وَذَكَّرَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، كَالرَّجُلِ يَسْتَذْكِرُ فِي نَفْسِهِ فَيَتَذَكَّرُ.

1 / 337