293

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

عُقْدَةٌ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] وَهَذَا يَسْتَمِرُّ مَعَ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لَا يَرَى عُقْدَةَ النِّكَاحِ لِلْوَلِيِّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْأَزْوَاجَ لَقَالَ: إلَّا أَنْ تَعْفُوا أَوْ تَعْفُونَ، فَلَمَّا عَدَلَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْحَاضِرِ الْمَبْدُوءِ بِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ إلَى لَفْظِ الْغَائِبِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿إِلا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] يَعْنِي يُسْقِطْنَ.
وقَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] لَا يُتَصَوَّرُ الْإِسْقَاطُ فِيهِ إلَّا مِنْ الْوَلِيِّ؛ فَيَكُونُ مَعْنَى اللَّفْظِ الثَّانِي هُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ، وَذَلِكَ أَنْظَمُ لِلْكَلَامِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿إِلا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] يَعْنِي يُسْقِطْنَ، أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ يَعْنِي يُسْقِطُ؛ فَيَرْجِعُ الْقَوْلُ إلَى النِّصْفِ الْوَاجِبِ بِالطَّلَاقِ الَّذِي تُسْقِطُهُ الْمَرْأَةُ، فَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَجِبْ فَلَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فِي الْمُخْتَارِ: وَاَلَّذِي تَحَقَّقَ عِنْدِي بَعْدَ الْبَحْثِ وَالسَّبْرِ أَنَّ الْأَظْهَرَ هُوَ الْوَلِيُّ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فَذَكَرَ الْأَزْوَاجَ وَخَاطَبَهُمْ بِهَذَا الْخِطَابِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِلا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فَذَكَرَ النِّسْوَانَ ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] فَهَذَا ثَالِثٌ؛ فَلَا يُرَدُّ إلَى الزَّوْجِ الْمُتَقَدِّمِ إلَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ وُجُودٌ، وَقَدْ وُجِدَ وَهُوَ الْوَلِيُّ، فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ هَذَا إسْقَاطُ التَّقْدِيرِ بِجَعْلِ الثَّلَاثِ اثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] وَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الزَّوْجَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ، وَالْوَلِيُّ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لِوَلِيَّتِهِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِي يُبَاشِرُ الْعَقْدَ الْوَلِيُّ؛ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ أُصُولُ الْعَفْوِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا قَبْلُ، وَشَرَحْنَاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْوَلِيَّ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَهُوَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يَتَرَاضَيَانِ فَلَا

1 / 295